الصورة الذاتية |
إن تحقيق النجاح في الحياة يعتمد بدرجة كبيرة على الطريقة التي نفكر بها، وعلى الصورة الذاتية التي نرى بها أنفسنا، وما يحيط بنا من أحداث ومواقف؛ وذلك لأن الصورة الذهنية للذات يتم اكتسابها وتخزينها في العقل الباطن الذي له الدور الأكبر في توجيه سلوكياتنا وردود أفعالنا تجاه ما يحدث لنا.
قوة عقلك الباطن تستطيع أن تقودك للنجاح أو للفشل بأسهل مما تتخيل؛ الأمر يعتمد على مدى صحة تلك الصورة الذهنية التي شكلتها عن نفسك.
الصورة الذاتية
الصورة الذاتية هي فكرة الشخص عن نفسه وتصوره الداخلي لها، والكيفية التي يرى بها نفسه بناءً على مظهره وأدائه، وعلاقاته الاجتماعية، ونقاط القوة والضعف لديه.
الصورة الذهنية لذاتك هي الرؤية العقلية التي ترى بها نفسك بناءً على ما لديك من مميزات ومواهب وقدرات؛ إنها التصور الذي يحدث في عقلك أولًا؛ ثم يظهر تأثيره على سلوكياتك، وتصرفاتك، وردود أفعالك.
تعتبر الصورة الذاتية المفتاح الذهبي لتحقيق النجاح وعيش حياة أفضل وذلك لأن كل أفعالك، ومشاعرك، وتصرفاتك، وحتى قدراتك دائمًا تتسق مع الصورة الذاتية التي تم برمجتها وتخزينها في اللاواعي لديك.
باختصار؛ أنت تتصرف مثل الشخص الذي تعتقد أنك تكونه، ولا يمكنك التصرف على أي أساس آخر، على الرغم من كل جهودك الواعية أو قوة إرادتك.
كيف تتكون الصورة الذاتية
تتشكل الصورة الذاتية عن نفسك من خلال إدراكك لما لديك من مميزات فريدة، وكفاءات ذاتية، ومن خلال المعتقدات والمخاوف، والقناعات الذهنية الموجودة في عقلك الباطن؛ ولكن معظم هذه الاعتقادات والمخاوف الموجودة في العقل الباطن تم اكتسابها وتخزينها في عقلك الباطن بغير وعي منك؛ وذلك من خلال تجاربك السابقة، والمواقف التي حققت فيها النجاح أو الفشل أو تعرضت فيها للإذلال، أو حققت فيها الانتصار، ومن خلال الطريقة التي يعاملك بها الآخرون خاصة في مرحلة الطفولة.
الصورة الذاتية تعتمد على الإدراك؛ حيث يتم تشكيل مفهومك لذاتك ووجهة نظرك عن نفسك بناءً على ما لديك من مميزاتك ونقاط قوة وضعف؛ على سبيل المثال قد تعتقد بأنك:
- ذكي جدًا … ويمكنك تحقيق ما تريد
- أو ضعيف … وتعتقد بأنك لا تستطيع
- أو خجول … وتظن بأنك غير قادر
معتقداتك هذه وقناعاتك الذهنية والاستنتاجات الحتمية التي توصلت إليها هي من تشكل أسس الصورة الذاتية السليمة أو الخاطئة لديك.
كما أن صورتك الذاتية تتأثر بالكيفية التي تعتقد بأن المجتمع والأشخاص الآخرين من حولك ينظرون إليك بها.
الصورة الذهنية للذات ليست ثابتة؛ ولكنها تتغير باستمرار على حسب الحالة التي تعيشها؛ فقد تتطور ويرتفع التقدير الذاتي لديك من خلال تحقيق المزيد من النجاحات، وبناء العلاقات الاجتماعية، وقد تقل أحيانًا بسبب نقد الذات والتركيز المستمر على العيوب ونقاط الضعف، أو بسبب حالات الفشل والصدمات النفسية التي تعرضت لها.
أكبر خطر يمكن أن تتعرض له الصورة الذاتية هو البرمجة الخارجية الخاطئة التي تعتمد على آراء الآخرين وطريقة تعاملهم، وتقيمهم للأشخاص من خلال المعايير والأعراف والتوقعات الاجتماعية
كما أن تعرض الشخص للسخرية والانتقادات السلبية يولد لديه الشعور بعدم الكفاءة وعدم الأهمية ونقد الذات فيبدأ بالشك في نفسه؛ وكلما امتد هذا النقد استمر الشك إلى أن يشك في قدرته على القيام بأي شيء بشكل صحيح.
طرق بناء صورة ذهنية سليمة للذات
تعتبر الصورة الذاتية أحد أبرز العناصر المهمة في تحقيق النجاح الشخصي؛ فالصورة الذاتية لديك والتصور الداخلي الذي ترى به نفسك سوف ينعكس على سلوكياتك، وردود أفعالك بشكل إيجابي أو سلبي، الأمر يعتمد على مدى صحة تلك الصورة التي شكلتها عن نفسك وعن ما يحيط بك.
ولكي تتمكن من بناء صورة صحية وسليمة لذاتك يجب عليك أن تعتمد على الموارد الداخلية الموجودة لديك، وليس على آراء الناس فيك وتقيمهم لك.
يجب أن تتحكم بشكل شخصي في عالمك الداخلي لأنه الشيء الوحيد الذي يهم حقًا عندما يتعلق الأمر في بناء صورة ذاتية سليمة.
لكي تتمكن من فهم عالمك الداخلي، والتحكم فيه أنت بحاجة إلى إلقاء نظرة على ثلاثة مجالات رئيسية تتضمن هذه المجالات:
- الشك الذاتي (نقد الذات)
- المخاوف والأفكار السلبية
- القناعات الذهنية والمعتقدات الخاطئة والافتراضات غير الصحيحة عن نفسك.
يجب عليك أن تغوص وتتوغل في أعماق ذاتك وتتأكد من صحة تلك المعتقدات، والقناعات الذهنية لديك.
يجب أن تكون صادقًا مع نفسك، لكي تتمكن من إدراك الجوهر الحقيقي لذاتك، وأن تعيش حياتك وفقًا لأعلى قيمك وتطلعاتك.كما أن هناك مجموعة من الطرق التي يمكنك من خلالها تعزيز إيمانك بنفسك وبناء صورة ذهنية صحية وسلمية عن ذاتك وهي كما يلي:
اكتشف نفسك
مرحلة اكتشاف الذات مرحلة صعبة ولكنها مهمة جدًا؛ لأنك إذا لم تحدد بوضوح هويتك، وتكتشف مواهبك، ومهاراتك، ونقاط القوة والضعف لديك؛ فلن تتمكن من بناء صورة ذهنية سليمة ودقيقة لذاتك. إن معرفة الذات لا تأتي عن طريق العمل واكتساب الخبرة؛ وإنّما تأتي عن طريق التصالح مع الذات وتحقيق السلام الداخلي، وتنمية الوعي الذاتي لديك، والاعتماد على النفس والثقة فيما يملكه الشخص من قدرات، ومهارات، ومواهب؛ فكلما كان الشخص واثقًا من نفسه زادت معرفته بذاته وبما يميزه عن غيره من سمات وقدرات، ومواهب.
يجب عليك أن تعرف الأمور التي تميزك عن غيرك، والطريقة التي تؤثر بها على من هم حولك وكيفية تأثرك بهم، وإدراك مدى قدرتك على مواجهة التحديات والمصاعب، وكيف تتغير تصرفاتك وردود أفعالك بناءً على مشاعرك.
استمر في البحث بشكل أعمق وأعمق عن نقاط القوة لديك حتى تصل إلى جوهرك الحقيقي وإدراك قيمتك الذاتية ومعرفة من أنت حقًا؛ دون الحاجة إلى كل تلك الأقنعة الخارجية التي تحاول الظهور بها.
تقبل ذاتك وتحدث بإيجابية مع نفسك
الصورة الذاتية السليمة تكون مبنية على مستوى عالٍ من تقدير الذات مما يؤدي إلى بناء شخصية قوية وناجحة. ولكي تتمكن من اكتساب تقدير ذاتي جيد لذاتك يجب عليك أن تكون صريحًا مع نفسك ،ومتقبلًا لها وهذا يتطلب منك الاعتراف الكامل بطبيعتك الحقيقية التي أنت عليها؛ بما في ذلك نقاط القوة والضعف لديك والخير والشر الموجود فيك.
تقبل ذاتك واحتضن نفسك تمامًا وبكل إخلاص، اعتنق حقيقة أنك لن تسمح لأي قوى خارجية بتعريفك؛ يجب أن تتبنى أسلوبًا مميزًا في التفكير، وذلك من خلال الفصل بين أفكارك، وأفكار من حولك، فليس من الضروري أن تهتم بما يعتقده الآخرين عنك، فكر بعمق شديد؛ ثم اسأل نفسك بين الحين والآخر هل أفكارك تتفق مع القيم، والمبادئ التي نشأت عليها؟
تحدث بإيجابية مع نفسك، ولا تسعى للكمال والمثالية؛ لا يوجد شخص في هذا الحياة كامل ومثالي، لذا مهما ارتكبت من الأخطاء ومهما كانت عدد مرات الفشل التي تعرضت لها تقبل ذاتك تقبلًا كاملًا.
سامح نفسك على كل ما فعلته في الماضي، حول كل الرسائل السلبية إلى إيجابية؛ بهذا ستجد بأنك تعطي لعقلك تعليمات إيجابية ليبتكر منها أفكارًا رائعة، اسمح لعقلك الباطن بالتركيز بوضوح على النتائج المرغوبة ستجد بأن هذه النتائج أصبحت حتمية.
قبولك لذاتك ورضاك الداخلي التام عن نفسك وعن ما تملكه يولد لديك قوة داخلية عظمى، أمان تام، عزل قوي جدًا وطاقة حرة لا تتأثر بانتقادات الناس وتعليقاتهم السلبية بشأنك حتى في لحظات ضعفك.
واجه مخاوفك وتخلص من الصراع الداخلي لديك
من أجل تحقيق السلام الداخلي والتخلص من المخاوف والصراعات الداخلية لديك يجب عليك تحقيق التوازن بين الجانب الروحي والمادي في حياتك والعيش برضا تام مع محاولات مستمرة في التغيير نحو الأفضل.
سوف يساعدك العمل بهذه الطريقة بشكل فعال في الحصول على فهم أفضل لكيفية تشكيل صوتك الداخلي الناقد لذاتك ومعرفة مدى صحة تلك الأفكار والمعتقدات والافتراضات التي لديك عن نفسك.
التفاؤل والرضا التام عن نفسك وعن ما أنت عليه هو انتهاء للصراع الداخلي الذي لديك.
الأشخاص الذين لديهم صورة ذاتية صحية لديهم نظرة أكثر تفاؤلًا للحياة، ويتمتعون بمزيد من الثقة بالنفس، ويتخذون قراراتهم من منطلق تصورهم وفكرتهم العقلية الداخلية عن أنفسهم، وذلك لأنهم اعتمدوا بشكل رئيسي عند بناء صورتهم الذاتية على مواردهم الداخلية وما لديهم من مواهب، ومهارات، وقدرات مما ساعدهم على الشعور بقدر أكبر من السيطرة على أنفسهم وعلى حياتهم.
الأشخاص الذين لديهم صورة ذاتية سليمة لا ينكرون بأن لديهم عيوب في الواقع، هم واقعيون ويفهمون بوضوح ويقبلون حقيقة أن لديهم عيوبهم الشخصية ونقاط ضعف مختلفة؛ ومع ذلك لا يوجد حكم نقدي لذواتهم؛ لأنهم يدركون جيدًا بأن كل خطأ هو تجربة بحد ذاتها تمكنهم من اكتساب الخبرة والحصول على المزيد من المعلومات التي سوف تساعدهم على تجنب الوقوع في الخطأ مستقبلًا.
راقب أفكارك وما تسمح بدخوله إلى عقلك
من علامات الصورة الذاتية الصحية لدى الشخص وجود تصور تقريبي منطقي لشخصيته الحقيقية، وتقييم واقعي يعترف من خلاله بأن لديه إيجابيات ولديه سلبيات وعيوب شخصية ويؤمن بأنه قادر على تغيير العيوب الشخصية ومواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها.
لا يمكنك إيقاف أفكارك السلبية طوال الوقت سوف يراودك الإحباط من وقت لآخر، وقد يستجيب عقلك لما يحدث لك بطريقة سلبية؛ هذا أمر طبيعي وجزء من الحياة التي نعيشها لإنك وبمرور الوقت سوف يتحسن مزاجك وتفكيرك تدريجيًا لتصبح أقل سلبية وأكثر تفاؤل.
لكي تعيش الحياة بطريقة صحيحة وممتعة يجب عليك أن تفهم سر الحياة من خلال هذه المعادلة "مزاجك سئ ومشاعرك منخفظة يعني الطاقة الداخلية لديك منخفضة، مزاجك جيد ومشاعرك عالية يعني طاقتك الداخلية مرتفعة".
الحديث الذاتي السلبي يعمل على تقييد أنفسنا ووقف أي أمل لدينا في نتيجة إيجابية من خلال إقناع أنفسنا بأن وجهة النظر السلبية يمكن أن تحدث؛ فهو لا يخدم أي غرض سوى تأكيد مخاوفك ومنعك من الجراءة على التغيير والخروج نحو المجهول.
يجب عليك أن تنتبه لما تعتقده عن ذاتك وعن قدراتك؛ حديثك مع نفسك له دور كبير في تشكيل الصورة الذهنية لذاتك فكل ما تقوله لنفسك يعيد تشكل الصورة الذاتية لديك وكل إيحاء تسقطه على ذاتك له أثر كبير في طريقة برمجة عقلك الباطن.
توقف عن التشكيك في قدراتك من خلال محاولة أن تكون أو تقول أو تشعر بشيء غير صحيح بالنسبة لك. لا تضعف أبدًا إمكاناتك للنمو بسبب الشكوك الذاتية؛ ابتعد عن كل الأفكار السلبية وتفاءل دائمًا، لا تسمح للآخرين بتدمير أصولك وممتلكاتك، أو نجاحك ولا تسمح لنفسك أيضًا بذلك من خلال النقد الذاتي، إذا كنت تشعر بالضياع غير الأشخاص الذين تستمع إليهم، إذا وجدت نفسك في مزاج سيئ ومدمر للذات عيش اللحظات المؤلمة وتقبل الشعور السيئ حتى يقل ويتلاشى وجوده ولكن لا تبني عليه نية، ولا تتخذ فيه قرار، حاول أن تتخلص من كل الأفكار السلبية والمدمرة واستبدلها بأفكار إيجابية.
تفحص البيئة المحيطة بك
إذا كنت تقضي أغلب وقتك مع أشخاص سلبيين، أو ربما متشائمين وينظرون للحياة بسوداوية ويقللون من شأن النجاح والإنجاز فإن استمرارك في التعامل معهم سيدمر كيانك النفسي ،ويزيد من أفكارك السلبية عن نفسك.
يجب عليك أن تقضي أغلب أوقاتك مع أشخاص إيجابيين متحمسين، أشخاص متفائلون يدعموك بدلًا من أن يأخذوا منك.
الاختلاط بأشخاص متطلعين للنجاح سيجعل من المستحيل عليك ألاتصبح ناجحًا مثلهم وبكل تأكيد ستكون أحدهم وربما أفضل منهم.
انشئ عرض دقيق لنفسك واجمع النجاحات في سجل واحد
قم بإنشاء رؤية أكثر دقة لنفسك يمكنك استخدامها كأساس لبناء صورة ذاتية سليمة. يجب أن تبني وجهة نظرك هذه على جميع الصفات الإيجابية ونقاط القوة الموجودة لديك.
قم بعملية جرد شخصي عن طريق سرد صفاتك الإيجابية، مواهبك، نجاحاتك التي حققتها في الماضي ومدى قوة تأثيرك على من هم حولك، وما يميزك عنهم،
الغرض من هذه الخطوة هو تنمية الوعي الذاتي لديك؛ من خلال معرفة كل الأشياء الجيدة التي تزيد من تقديرك لذاتك وتشعرك بالفخر في نفسك والتي ستضيف قيمة كبيرة على الجوهر الحقيقي لذاتك وتساعدك في تكوين انطباع شخصي قوي من منظور صورة أكبر بهدف تشكيل صورة ذهنية صحية وشاملة عن ذاتك.
لا أحد يعرف من أنت غيرك، ليس هناك أي شخص لديه أي فكرة عن قدراتك أو ما يمكن أن تفعله أو تصبح عليه في المستقبل غيرك؛ ربما يكون أصعب شيء تفعله في الحياة هو أن تقبل كيف يمكن أن تكون في المستقبل، وتؤمن بنفسك، ثم تدمج هذا الوعي في الرؤية العقلية التي ترى بها نفسك.
قد يكون لديك بعض العيوب ونقاط الضعف وأشياء أخرى ولكن تقبل هذه الأشياء لإنها جزء منك في الوقت الحالي؛ حيث يمكنك العمل على تحسينها والتخلص منها بمرور الوقت. المهم هنا أنك واقعيًا وصادقًا مع نفسك متوافقًا مع المبادئ والقيم التي وضعتها لنفسك.
الصورة الذاتية الصحية والسليمة هي كل شيءعنك، كله يتعلق برؤيتك أنت دون أي تأثيرات خارجية.
- اقرأ أيضًا: محددات الشخصية