كيف تتخذ قراراتك المصيرية |
تُعتبر عملية اتخاذ القرارات أحد الأمور المهمة في حياتنا، وهذا ما يميز الأشخاص الناجحين عن غيرهم، فهم يعرفون جيدًا كيف يستغلون الفرص ويتخذون قراراتهم في الوقت المناسب بدون خوف أو تردد.
وكذلك فإننا نجد في الوقت نفسه، بأن هناك أفرادًا يواجهون صعوبة كبيرة في اتخاذ القرارات المصيرية ويستهلك ذلك منهم الكثير من الوقت والتفكير قبل اتخاذ أي قرار، بحيث يأتي القرار متأخرًا جدًا، مما يؤدي إلى فقدان الكثير من الفرص، وقد يلجأ إلى التراجع عن القرار الذي اتخذه، وتبديله عدة مرات بقرار آخر قبل الوصول إلى نتائج قراره الأول. ماهي الأسباب الرئيسية لتلك الصعوبات والمخاوف إذن؟ وهل يمكن تجاوزها والتغلب عليها؟
في هذا المقال، سنتحدث عن مهارة اتخاذ القرار وطرق التخلص من مخاوفها.
مخاوف اتخاذ القرار
هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى مواجهة الكثير من المعوقات والمخاوف عند التفكير في اتخاذ القرارات المصيرية أهمها فقدان الثقة بالنفس، والتقدير المتدني للذات، والتردد وغياب الرغبة الحقيقة في الإقدام على العمل، أو الحرص على جمع المزيد من المعلومات بصورة غير متناهية، أو الخوف من تبعات ذلك القرار، والخوف أيضًا من تحمل ما قد ينتج عنه من نتائج قد تكون سلبية.
إن المبالغة في الخوف والحذر والاحتياط عند تحليل البدائل المتاحة يؤدي إلى الدخول في دوامة من القلق والارتباك، فكلما زاد التردد وعدم الإقدام والبدء في تحقيق الأهداف يتعزز لدى الشخص الشعور بالعجز وعدم القدرة على التنفيذ، فتبدأ أحلامه في الفتور والتلاشي شيئًا فشيئًا حتى يستسلم لليأس والإحباط.
إن التفكير المبالغ فيه عند اتخاذ أي قرار يمكن أن يكون له تأثير سلبي، لذا فإن الأشخاص الناجحين عادةً ما يتخذون قراراتهم بشكل حازم، دون تردد ٍ أو خوف، وقد يُقدم الشخص الناجح على اتخاذ القرار باندفاع شديد، وحماس قوي، دون التفات إلى نتائج ذلك القرار.
ومع أن عملية اتخاذ القرارات تعتمد على موهبة الفرد، وقدراته الذاتية، إلا أن البيئة المحيطة، وتدريب الفرد على مهارة صُنع القرار في وقت مبكر من طفولته تصقل إمكاناته الذاتية، وتطور من آليات الحسم المعرفية لديه في اتخاذ القرارات السليمة، وتختزل هاجس التردد، وتقلل من دوافع الخوف والقلق.
كيف تتجاوز نظام عقلك الباطن وتتخذ قراراتك عن وعي؟
يوجد لدى العقل الباطن نظام داخلي يتحكم في طريقة تقييمنا للأمور واتخاذ القرارات بشأنها، ويتكون هذا النظام من معتقدات الشخص ومخاوفه وقناعاته الذهنية؛ حيث يتشكل هذا النظام من خلال الحقائق التي توصل إليها الشخص، والمعلومات التي يتلقاها من المصادر المختلفة مثل البيئة المحيطة، أو الوسط الذي يتعامل معه كـ الأبوين والأصدقاء وغيرهم، ومن الثقافة العامة التي يكتسبها، مما يؤدي إلى التأثير بشكل إيجابي أو سلبي على سلوكياته وردود أفعاله، وعلى طريقة اتخاذه لقراراته اليومية.
ومن هنا تبرز أهمية الوعي الذاتي في معرفة وإدراك مدى صحة هذه المخاوف والمعتقدات والقناعات الذهنية؛ لكي نتمكن من تجاوز هذا النظام والتحكم فيه، واتخاذ القرارات عن وعي دون أن نسمح لتلك المخاوف والمعتقدات السلبية التي كانت تبرمج حياتنا في السابق أن تُؤثر على مستقبلنا؛ وذلك عن طريق تنمية الوعي الذاتي، والتأكد من صحة تلك المعتقدات والقناعات التي تُشكل نظام العقل الباطن.
يمكن أن يكون عقلك الباطن حليفك الأكبر أو أسوء عدو بالنسبة لك؛ حيث يعتمد الأمر على المدخلات والمعلومات والسلوكيات التي تساهم في برمجة عقلك الباطن.
الخبر السار هو أن بإمكانك إعادة برمجة عقلك الباطن والتحكم فيما تعتقده، وبناء عقلية إيجابية من خلال فهم أفكارك والتحكم فيها وتغييرها. لمعرفة المزيد حول بناء عقلية إيجابية يمكنك الاطلاع على مقال طرق إعادة برمجة العقل الباطن.
كيف تتحكم بقدرتك على اتخاذ القرارات؟
تحدثنا في تدوينة سابقة عن كيفية التغلب على مخاوف اتخاذ القرار، وعرفنا بأن ما يشكل حياتك ويحدد مسارك في الحياة ليست الظروف كما يعتقد البعض، ولكن ما يشكل حياتنا هي تلك القرارات اليومية التي نتخذها في حياتنا، وقدرتنا على اتخاذها، وهذه القدرة هي التي تشكل خبرتك في الحياة.
فيما يلي 6 خطوات سوف تمكنك من التحكم بهذه القدرة واستخدامها بشكل صحيح وهي كالأتي:
1. ركز على القوة الحقيقية التي تحتاجها لاتخاذ القرار وتنفيذه بشكل كامل
اتخاذ القرار لا يكفي لتحقق هدفك ولابد من أن تتبعه قوة إرادة وعزيمة لتنفيذه؛ لكي تتمكن من تغير حياتك برمتها.
في اللحظة التي تتخذ فيها قرارًا جديدًا فإنك بهذا تضع لنفسك هدفًا وتأثيرًا واتجاهًا جديدًا في الحياة.
إنك بالمعني الحرفي تُغير حياتك في اللحظة التي تتخذ فيها قراراتك المصيرية، لذا يجب عليك اختيار الوقت المناسب لاتخاذ القرار المناسب.
2. الالتزام والاستمرارية في قرارك الذي اتخذته
يجب عليك أن تتخذ قراراتك بذكاء وبطريقة سريعة ومدروسة، لا تُجهد نفسك كثيرًا وأنت تُفكر في قدرتك على الإقدام والبدء في تنفيذ ذلك القرار فقد دلت الإحصاءات أن أنجح الناس هم من يتخذون قراراتهم بسرعة بعد أن يتأكدوا من نسبة نجاح قراراتهم.
وذلك لأنهم يمتلكون الوضوح فيما يتعلق بقيمهم ومواهبهم ومهاراتهم وما يريدون تحقيقه في حياتهم، كما بينت تلك الإحصائيات بأنهم الأقل والأبطأ في تغيير قراراتهم، ومن ناحيةٍ أخرى نجد بأن الذين فشلوا هم أولئك الذين يتخذون قراراتهم ببطء ويُغيرون أفكارهم ورغباتهم بسرعة ويترددون في اتخاذ القرارات.
3. اتخذ قرارات عديدة
كلما أكثرت من اتخاذ القرارات تحسنت قدرتك علي اتخاذها وكلما كانت قراراتك ناجحة كلما زادت ثقتك بنفسك.
4. تعلم من قراراتك التي تتخذها
مهما كانت قراراتك ناجحة أو فاشلة استفيد وتعلم منها. لا تخشى الفشل فليس هناك شخصٌ ناجح إلا وصادفه الفشل، ولكن الشخص الناجح عندما يفشل يتعلم من فشله شيئًا جديدًا وينظر لفشله بإيجابية، حيث يدرك ويكتشف السبب الرئيسي لفشله ليكتسب الخبرة منه، بالتالي تتكون لديه مرجعية فكرية جيدة تساعده على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل.
لذا بدلًا من أن تُركز علي الإنتكاسات قصيرة الأجل احرص على أن تتعلم دروسًا يُمكنها أن توفر لك الكثير من الوقت والمال والألم، كما يمكنها أن تمنحك الخبرة وتعطيك القدرة علي تحقيق النجاح في المستقبل.
5. إلتزم بقراراتك ولكن احرص على المرونة في اتجاهك
عندما تُقرر ما تُريده وتضع لنفسك هدف فإن هذا الهدف يحتاج منك إلي وسيلة ومسار أو مجال من أجل تحقيقه وعندما تحدد لنفسك المجال الذي ستسلكه وصادفك الفشل فيه إياك أن تتوقف وتيأس وتستسلم؛ لأن ما تهدف إليه هو تحقيق غايتك النهائية والتي قد تكون تحقيق النجاح والسعادة، فالهدف واحد ومجالات تحقيقه مختلفة.
قد يختار الناس في كثير ٍ من الأحيان أفضل السُبل التي يعرفونها حين يقررون ماذا يفعلون بشأن مستقبل حياتهم، إذ يرسمون خطة وخريطة للوصول إلي غايتهم ويظلون متمسكون بها وعندما يتعثرون أو يصادفهم الفشل في طريقهم يصيبهم اليأس ويفشلون في الانفتاح على سُبل ومجالات أخرى قد تكون أفضل لهم وأسهل.
لذا لا تكن مُتصلبًا في الإتجاه الذي قررت أن تنتهجه بل استثمر فن المرونة واختر المجال الذي يتناسب مع مواهبك ومهاراتك لكي تُبدع وتنجح فيه.
6. ركز على استغلال الفرص واتخاذ قرارات جديدة بشأنها
يجب أن تعيش حياة كلها تفاؤل وتوقع وانتظار وعمل واستغلال للفرص علي الدوام إن كنت تريد لحياتك أن تكون ممتعة حقًا، فالحياة إما مغامرة جريئة، أو لا شيء.
يجب عليك أن تدرك بأنك في أي لحظة يمكن أن تتخذ فيها قرارًا قد يغير مسار حياتك للأبد.
الشخص الذي يقف خلفك بالقاعة، أو الشخص الذي تصادفه في الجامعة أو العمل، أو المكالمة الهاتفية التي تتلقاها أو تقوم بها، أو الكتاب الذي تقرأه قد يكون أي من هذه الأمور هو الشئ الذي يفتح الأبواب أمامك لاتخاذ ذلك القرار الذي سيغير حياتك، بالتالي ستصبح كل الأمور التي كنت بانتظارها بالمكان المناسب لها.
أخيرًا يجب عليك أن تُدرك بأن قراراتك وليست ظروفك هي التي تُقرر مصيرك وتحدد مسار حياتك.
إن ما يُغير حياتك هو ذلك القرار الذي تلتزم بتنفيذه إلتزامًا كليًا مهما كانت المعوقات والصعاب التي قد تواجهك يجب أن تجتازها بقوة الصبر والإرادة.
كما يجب أن تعلم بأن إرادة النجاح وتشكيل طراز جديد لحياتك لا يمكن أن يتم إلا حين تُقرر ما تريده وتؤمن به.