إن الخطوة الأكثر صعوبة هي اكتشاف الموهبة وإيجاد الهدف المناسب لها والإحساس بأهميته.
تحديدك للأهداف البعيدة هو بمثابة إعداد وتفعيل للبوصلة الداخلية التي ستساعدك في تحديد الإتجاه الذي ستسلكه.
إذا كنت تعيش حياتك بدون أهداف، أو لديك إحساس غامض حيال ما ترغب في تحقيقه في حياتك، يجب عليك أن تبدأ في تحويل الأفكار العامة والمبهمة مثل "السعادة" أو "الأمان" إلى أشياء يمكنك العمل على تحقيقها.
كيف تكتشف موهبتك وتحدد أهدافك بطريقة صحيحة
سؤال يتردد في أذهان الكثيرين منا لماذا لم أستطيع الحصول على ما أريد؟ ولا أجد المتعة والسعادة فيما قد حققته في حياتي؟
ما الفرق بيني وبين أولئك الذين حققوا نجاحات كبيرة جدًا في حياتهم على الرغم من إمكانياتهم المحدودة التي بدأوا بها وظروفهم الصعبة التي يعيشونها؛ فهي أسواء بكثير من ظروفي التي أعيشها، أين الخلل في أهدافي أم في شخصيتي وطريقة تفكيري؟
للإجابة على كل تلك الأسئلة تحتاج إلى قدرًا كبيرًا من الوعي الذاتي، والإدراك، والحضور المستمر النابع من التقييم المتكرر للذات.
ما الذي يمنعك من تحقيق أهدافك
إن السبب في عدم تحقيقك لما تريد يرجع لعدة أسباب وهي:
1. نقص الوعي الذاتي لديك وعدم إدراكك لمواهبك واعتقادك الخاطئ عن قدراتك
فكرتك عن نفسك والصورة الذهنية التي ترى بها ذاتك لها دور كبير في تحقيق نجاحك؛ لأن الصورة الذاتية التي تنظر بها إلى نفسك يتم تشكيلها بناءً على معتقداتك ومخاوفك الخاصة بك؛ ولكن معظم هذه الاعتقادات تكونت عن غير وعي منك، وذلك من خلال تجاربك السابقة، ونجاحاتك وفشلك، والمواقف التي تعرضت لها في الماضي، والطريقة التي كان يعاملك بها الآخرون، خاصة في مرحلة الطفولة.
فالصورة الذاتية الصحية هي المفتاح الذهبي لعيش حياة أفضل، لأن كل أفعالك، ومشاعرك، وتصرفاتك، وحتى قدراتك دائماً تتسق مع الصورة الذاتية التي ترى بها نفسك.
باختصار، أنت تتصرف مثل الشخص الذي تعتقد أنك تكونه، ولا يمكنك – حرفياً - التصرف على أي أساس آخر، بالرغم من كل جهودك الواعية أو قوة إرادتك. الشخص الذي يرى نفسه كـ "شخصية فاشلة" سيجد طريقة ما ليفشل بها، بالرغم من رغبته في النجاح أو قوة إرادته.
عندما تكون صورتك الذاتية سلبية وتعتقد في قرارة نفسك بعدم قدرتك على تحقيق ما تريد من الأهداف فإن كل أفعالك، و مشاعرك، و تصرفاتك تتسق مع الصورة الذاتية التي تم اكتسابها وتخزينها في عقلك الباطن الذي يتحكم في سلوكياتك، وردود أفعالك تجاه ما يحدث لك، كما أن هذا الاعتقاد يقلل من ثقتك بنفسك وذلك لأنك تجهل مواهبك ومهاراتك، فأنت لا ترى سوى قدر بسيط من قدراتك ومهاراتك ومواهبك التي لم تكتشفها حتى الآن بسبب مخاوفك من التغيير والمخاطرة.
2. اخترت أهدافك وطموحاتك بطريقة خاطئة
عندما تضع لنفسك أهداف وأحلام ليست متوافقة مع مواهبك وقدراتك وإمكانياتك لن تتمكن من تحقيقها، لأن وضعك لتلك الأهداف كان بسبب تأثرك بمن هم حولك ومحاولة تقليدهم في أهدافهم. وذلك لأنك لا تعرف بالضبط ماذا تريد، وما الذي يناسبك و يتناغم مع ذاتك ومواهبك.
إن رغبتك في تقليد البعض ممن هم حولك ومحاولة تحقيق ما حققوه بغض النظر عن الدوافع التي قادتك لتقليدهم يجعلك تعيش أسيرًا لحلم أو هدف هو في الحقيقة لا يناسبك ولا ينتمي إليك، لأن كل شخص منا لديه مواهب ومهارات وإمكانيات تختلف من شخص لآخر.
3. جهلك للطريقة التي تمكنك من تحقيق ما تريد
تريد أن تنعم بحياة سعيدة ونجاح باهر، واكتفاء ذاتي، واستقلال مالي ودخل آمن ومستمر هذه هي أهداف الكثيرين منا، فالهدف واحد ولكن الطرق التي نحقق بها تلك الأهداف تختلف من شخص لآخر؛ مجالات الحياة متعددة والمهارات والمواهب تختلف كذلك، فعندما تجهل مواهبك ومهاراتك وتجهل الطريقة التي يمكنك أن تحقق بها هدفك والمجال الذي يتناسب مع تلك المواهب والمهارات، يقلل من احتمالات تحقيقك للنجاح
فإذا أخترت مجال ما، كالطب مثلًا أو الهندسة أو التجارة أو غيره من المجالات التي لا تناسب موهبتك سيكون أداءك فيها ضعيف جدًا، حتى وإن واصلت في ذلك المجال فلن تجد المتعة والسعادة في عملك، وذلك لأنك أخترت مجال لا يناسب مواهبك ومهاراتك وبدون رغبة منك، لِتُرضي أهلك، أو لتكسب مديح الناس وثنائهم بأنك تعمل في مجال يتمتع بمزايا كثيرة، أو لأنك تأثرت بمن هم حولك وقمت بتقليد البعض فيما يفعلونه، ويحلمون به متناسيًا كل الفوارق الشخصية بينك وبين من تقلدهم.
كيف تحدد أهدافك وتكتشف المجال الذي يناسب مواهبك ومهاراتك
كيف تحدد أهدافك |
إن القاعدة الذهبية للنجاح هي أن تبدأ من الداخل إلى الخارج في كل فكرة، أو هدف، أو أي عمل ترغب القيام به.
ابدأ من الداخل اعرف نفسك أولًا، اكتشف مواهبك وقدراتك وتفكيرك وشعورك، ثم انتقل إلى الخارج من خلال اتخاذ قرارات تناسب رغباتك ومواهبك واكتشاف سلوكك وتحديد أهدافك لكي تنجح.
الطريقة الصحيحة لتحقيق ما تريد تبدأ من الداخل في معرفتك لنفسك و إدراكك لذاتك ومعرفة قدراتك وإمكانياتك، ثم وضع أهداف تتناسب مع تلك القدرات والمواهب وهذا بدوره سيمكنك من تحقيقها بكفاءة أكبر.
الشخص الناجح يبدأ بنفسه ويكتشف مواهبه، ومهاراته، وميوله، وأفكاره، وما يرغب به ويستمتع في ممارسته؛ ثم يقوم بتطوير تلك المواهب والمهارات واستغلالها.
اكتشف نفسك؛ من أنت؟ وماذا تريد في هذه الحياة؟ ماهي أهدافك وطموحاتك؟ ماذا عن أحلامك؟ أين أنت الآن منها؟
ما الشخصية التي تود أن تكون عليها في المستقبل؟ هل حددت لنفسك هدف وتسعى لتحقيقه، أم ما زلت تتخبط وتعيش حياتك بعشوائية؟ إلى متى ستظل هكذا؟
خطوات تحقيق النجاح والسعادة في الحياة
يجب عليك أن تُعِيد تشكيل نفسك، وتضع معيار جديد لحياتك، اترك نسختك القديمة وتخلى عن أفكارك السلبية عن ذاتك، لكي تحقق النجاح الذي تريده والحياة التي تحلم بأن تعيشها، هناك عدة خطوات يمكن أن تساعدك في التخلص من معوقات النجاح لديك وتمكنك من تحديد أهدافك والعمل على تحقيقها وهي كالتالي:
1. كن على يقين بأنك قادر على تحقيق ما تريد
لن تنجح أبدًا ولن تُحقق شيئًا إذا كنت لا تؤمن بنفسك وبقدرتك على تحقيق أهدافك، لأن أساس نجاحك يبدأ من أعماقك، من رأيك عن نفسك من الصورة الذاتية التي رسمتها عن نفسك. لذا يجب عليك أن تعرف نفسك بما في ذلك نقاط قوتك وضعفك وأن تكون صادقاً مع نفسك، يجب أن تكون صورتك الذاتية تصور تقريبي منطقي "لشخصيتك الحقيقية".
عندما تكون هذه الصورة سليمة، ستشعر بالنجاح والتفاؤل، وعندما تكون سلبية وخاطئة ستشعر بالقلق والخوف والتقدير المتدني للذات.
عندما تكون صورتك عن نفسك انك إنسان قادر وذو كفاءة و تكون صورة يمكنك أن تفخر بها بكل جوانبها ، ستشعر بالثقة في النفس. ستشعر بالحرية لتتصرف على طبيعتك وتعبر عن نفسك بالطريقة التي تحبها. وستعمل بأقصى قدراتك.
2. اعرف نفسك واكتشف ذاتك
على مدى قرون ظل الفلاسفة، والحكماء يقدمون لنا تلك النصيحة المفيدة وهي "اعرف نفسك".
لكن معظمنا يفسر تلك النصيحة بطريقة خاطئة بحيث تعني له "أكتشف الجوانب السلبية لذاتك"
نحن جميعًا لدينا قائمة طويلة من العيوب والأخطاء، ومواطن القصور ولكن الشخص الناجح هو من يبحث عن نقاط قوته أولًا، ويعمل على تطويرها ليزيد من ثقته بنفسه، ثم يبحث عن نقاط ضعفه ويبدأ في التخلص منها.
من المفيد أن نعلم بنقاط الضعف ومواطن القصور الموجودة لدينا، وذلك للتخلص منها، ولكن إذا قمت بنقد ذاتك والبحث عن مكامن الضعف لديك وصفاتك السلبية فقط، فإن ذلك يقلل من تقديرك لذاتك، مما يؤدي إلى فقدان ثقتك بنفسك.
يجب عليك أن تبحث عن نقاط القوة لديك أولًا وأن تُنقب عن ما يزيد من ثقتك بنفسك، لأنك لن تستطيع أن تُحقق شيئًا أو تغير من نفسك وأنت تشعر بالدونية والضعف.
3. كن مهوسًا في أهدافك وطموحاتك
لا ترضى بأقل مِما ترجوه لنفسك، فأنت أكبر مما تتصور وتعتقد، قدر نفسك حق قدرها، القدر الذي تستحقه، إسمو بتفكيرك كي يتناسب مع حجمك، فكر على المستوى الذي يتوافق مع ما أنت عليه!
كُن قوي الإرادة والعزيمة لا تستسلم أبدًا مهما كانت المعوقات، فأنت قادر على تحقيق هدفك، إن كنت تؤمن بِحُلمك وإن كنت تُؤمن بِذاتك فاعلم بأنك سَتجعل الحُلم حقيقة. إياك أن تُدمر ذاتك وتُقللّ من قدر نفسك، لأن ذلك سيجعلك تستسلم للواقع المرير.
4. اكتشف مواهبك ومهاراتك
إن أهم ما يمهد لك الطريق للنجاح وتحقيق ما تريد هو قدرتك على اكتشاف مواهبك ومهاراتك ونقاط القوة لديك.
إن رغبة البعض في تقليد من حوله تجعله يعيش أسيرًا لحلم أو هدف هو في الأصل لا يناسبه لأنه خُلق لِغرض ولِحكمة، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان للعبادة وعمارة الأرض واستخلفنا فيها، وجعل لنا مواهب ومهارات وقدرات تمكننا من تنفيذ ذلك الغرض الذي خُلقنا من أجله.
كل شخص منا لديه مهارات ومواهب تختلف من شخص لأخر؛ حيث يتوقف نجاح العديد من الناس على مقدار إدراكهم لتلك الموهبة، فهي بمثابة الكنز المدفون في نفوسنا، والشخص الذي يكتشف موهبته سيشعر بالتفرد والتميز، ستكون موهبته هي سر نجاحه، والموهبة هي تلك المهارة أو القدرة التي تستطيع من خلالها أن تنجز عملًا أو تقدم شيئًا وانت مستمتع بما تفعله، حيث يولد لديك الشعور بالسعادة والرضى عما تقوم به.
الأشخاص الذين يجهلون مواهبهم مكتوب عليهم أن يواصلوا تخبطهم وتقليدهم للآخرين، فإما أن يسعدوا ويحققوا ما يريدون - وحتى وإن استطاعوا تحقيق ذلك فهم لن يشعروا بالسعادة والمتعة والرضي عما يعملون - وقد لا يحققون شيئًا، فتجدهم ينتقلون من مجالٍ لآخر بحثًا عن سعادتهم ونجاحهم في الحياة.
كيف تكتشف موهبتك؟
لكي تكتشف موهبتك وتطورها قم بممارسة العمل الذي تشعر بأنه يعبر عنك ويجلب لك الشعور بالمتعة والسعادة، اعمل في مهن مختلفة ذات طابع مختلف، في ظروف وأوقات مختلفة، مع أشخاص مختلفين، مع قدر كبير جدًا من التقييم الذاتي، فهذا قد يساعدك على وضع بعض الملامح المتعلقة بما يمكنك فعله، وبهذا تستطيع اكتشاف المهارة التي تتقنها والعمل الذي تريده، والشيء الذي تحتاجه، والعمل الذي لا طاقة لك به.
ستدرك الكثير من الأمور؛ ولكن سيتوجب عليك أن تكون أكثر إدراكًا، واتساقًا مع ذاتك، حاول أن تقييم أدائك بنفسك، وبمن تثق في أنهم يحبونك ويريدون لك الخير.
بعد كل تقييم تقوم به قم بتعديل لما كان أو تغيير محتمل أو تثبيت للوضع الحالي، وفي كل الأحوال عليك بالتمهل والتريث وعدم الاستعجال، فرحلة النجاح طويلة جدًا وتحتاج للصبر والعمل وبذل الجهد.
5. غامر ولا تخشى الوقوع في الفشل أو ارتكاب الأخطاء
لكي تعثر على طريقك الصحيح في هذه الحياة عليك أن تستمر في السير في كل اتجاه وأن تستغل كل فرصة متاحة أمامك، حتى تتعرف على الطريق الصحيح جيدًا وتثبت عليه، لا يوجد مسارات خاطئة في حياتك، لأن المسارات الخاطئة تساعدك في العثور على المسار الصحيح، والذي لم تكن لتعثر عليه لولا هذه المحاولات والتجارب.
لكي تنجح ليس عليك أن تكون مثاليًا أو بلا أخطاء؛ بل يجب عليك أن تعمل على تحسين نفسك كل يوم، وأن تجعل أخطاءك تزيدك قوة، وخبرة تتعلم منها ولا تكررها، وأن تُحسن من نفسك وتتخلص من نقاط ضعفك بناءً على أسباب وقوعك في هذه الأخطاء.
حين تتعلم الجديد كل يوم، وتحسن من نفسك وتزيد من مهاراتك وخبراتك فأنت تسير على درب النجاح،
فالنجاح ليس مهارة، بل أسلوب حياة وطريقة تفكير، النجاح ليس مكانًا تصل إليه؛ بل ما تفعله كل يوم، وما تفعله الآن.
النجاح هو أن تبذل كل جهدك في سبيل تحقيق أهدافك وأحلامك دون كلل أو يأس، لكي تصل إلى ما تريد، وتكون الشخص الذي تريد.