نحن جميعًا لدينا أهداف وأحلام كثيرة نُريد أن نُحقِقُها، ولكن الخوف من الفشل قد يمنعنا من البدء في تَحقِيقها.
غالبًا ما تُراودنا الكثير من الشكوك الذاتية، والأفكار السلبية، والعديد من المخاوف التي تُضعف بل وتزعزع ثقتنا بأنفسنا، وتَحول بيننا وبين ما نريد الحصول عليه وتحقيقه، وغالبًا ما تكون تلك المخاوف ناتجة عن قناعات ذهنية خاطئة، أو تَخيُلات وهمية، وأفكار سلبية تقوم بالسيطرة على العقل الباطن، وتؤثر سلبًا على سلوكياتنا وتوجهاتنا، وعلى طريقة اتخاذ القرارات المصيرية المهمة في حياتنا.
فقد أثبتت الدراسات العلمية التي قام بها علماء النفس في أن 80% من التَخيُلات والهواجِس التي تحدث في عقولنا ليست صحيحة وليس لها أي قابلية للحدوث.
ولمعرفة ذلك قم بمراجعة تاريخ حياتك، ستجد بأن الكثير من المخاوف التي كنت تخشاها، وتخاف منها ما كانت إلا توهمًا في عقلك، وقد سلبتك العديد مـن الفرص المهمة في الحياة.
كيف تتخلص من الخوف
عندما تسير في هذه الحياة وفق أسلم الخيارات وأسهل الطرق وأكثرها أمانًا لهو أخطر شيء يمكن أن تؤذي به نفسك، وتخسر به مستقبلك.
لا يمكنك أن تتطور وتتحسن وأنت ترفض الخروج من دائرة المألوف والمعتاد، غير راغب في التغيير والتأقلُم مع المستجدات والأحداث من حولك.
إذا استمريت في حالة السكون التي أنت عليها الآن فلن تتقدم للأمام أبدًا، يجب أن تكون مستعدًا للمخاطرة وقبول التغيير، والسير نحو المجهول، وذلك ليس بالأمر الهين أو السهل، ولكن كل خطوة سوف تخطوها في هذا الاتجاه سيكون لها عائدها المجزي.
لا أحد يعرف كم من الأميال سوف تمشي وأنت تُطارد حلمك حتى تحققه، ولكن هذه المطاردة هي من تجعل لحياتك معنى، وحتى حين تفشل وتتعثر، وتتأخر في تحقيق حلمك، فأنت أفضل بكثير ممن لا يفعل شيئًا ليحقق حلمه.
كيف تتغلب على مخاوفك وتحرر نفسك من الخوف
واجة مخاوفك وتغلب عليها شيئًا فشيئًا، فالهروب من أسباب خوفك هو سباق لن تفوز به، ولن ينتهي أبدًا، ولكن عندما تواجه وتعالج أسباب هذا الخوف وتتعامل معها ستجد بعدها حُريتك، وتتحرر من كل قيود الخوف والاكتياب والتوتر والقلق لديك.
استمر في مواجهة مخاوفك والتعامل مع أسبابها خطوةً بخطوة، لا تدع الخوف يحدد مصير حياتك ومستقبلك
نحن نستطيع أن نفعل المعجزات إذا آمَنّا بقدراتنا، وكان لدينا الرغبة والحافز، لا تُشكك في قدرتك على فعل شيءٍ ما، وأياك أن تقُوم بالأمر من باب التجربة، على العكس تمامًا كن على يقينٍ تام بأنك قادر على إنجاز ما تريد.
إياك أن تجعلك مخاوفك تنغلق على نفسك، وترضى بالواقع وتستسلم للظروف، بل قاوم خوفك واجعله يوقظك من سباتك، ودافعًا لك لكي تتخذ خطوات جريئة وقرارات مصيرية مهمة ومدروسة.
إن المعاناة بسبب الخوف أكبر من معاناة حدوث ما تخاف منه وتخشى وقوعه، لا تخشى المخاطرة، خاطر ولكن بذكاء، ولا تخشى الفشل فليس هناك نجاح في هذه الحياة إلا وسبقته سلسلة طويلة من المحاولات الفاشلة.
طرق التخلص من المخاوف.
هناك العديد من المخاوف التي تواجهنا في الحياة منها الخوف من المستقبل، أو الخوف من فقدان شيء نحبه، أو الخوف من فقدان الوظيفة، أو الخوف من كلام الناس وانتقاداتهم السلبية وغيرها.
جميع تلك المخاوف لها تأثير كبير جدًا على الطريقة التي نعيش بها، حيث تُضعف حركتنا وتُعرقل رحلتنا نحو تحقيق أهدافنا، وتُرغِمُنا على البقاء في منطقة الأمان، وتُجبرنا على عدم المخاطرة وتجربة أي شيء جديد خشيةَ عدم نجاحه، فنظل أَسري لتلك المخاوف والمعتقدات، ولا نستطيع استغلال إمكانياتنا ومهاراتنا لتحقيق ما نريده، فيما يلي مجموعة من الطرق التي يمكن أن تساعدك في التخلص من تلك المخاوف:
1. تَعرف على مخاوفك واكتشف مصدرها
أغلب المخاوف تنشأ في عقولنا بسبب البرمجة الخاطئة للعقل الباطن التي تمت مسبقًا في مرحلة متقدمة من العمر، فالعقل الباطن يقوم بتخزين كل الأمور والذكريات التي نمر بها حيث تتشكل من خلالها الصورة الذهنية التي ننظر بها لأنفسنا وللحياة من حولنا.
أحيانًا قد تكون مخاوفك حقيقية، وقد تكون وهمية أيضًا، لذا يجب عليك أن تتعرف على مخاوفك، فكر واسترجع ذكرياتك واسأل نفسك متى بدأ الخوف، وما هو الشيء الذي تخاف منه، ومتى ظهر لأول مرة؟
تعرف على مخاوفك، ابحث على معلومات جديدة بشأنها.
إنتبه للصورة التي رسمتها في ذهنك عن ذاتك، وعن الأشياء التي تخاف من حدوثها، وما الذي يحدث فيها؟
راقب الفضاء الداخلي الخاص بك، وابحث عن نقاط القوة لديك،اكتشف مواهبك ومهاراتك، ثم قم بالعمل عليها وتطويرها، لكي تزيد من ثقتك بنفسك ولا تفكر أبدًا في نقاط ضعفك.
2. تأكد من صحة معتقداتك وقناعاتك الذهنية ونمِ الوعي الذاتي لديك
القناعات الذهنية هي حجر الأساس في عملية التغيير، والمحرك الرئيسي الذي يحرك دوافعك نحو عملية النجاح والتخلص من مخاوف التغيير والفشل.
لذا يجب عليك أن تتأكد من صحة معتقداتك وقناعاتك الذهنية، وأن تتخلص من القناعات والأفكار والمعتقدات الخاطئة؛ لأن هناك بعض القناعات الذهنية والمعتقدات التي تربينا عليها يشوبها بعض القصور والأخطاء، لذا يجب أن تُغيرها وتُعَدل الخاطئ منها لكي تتغير بذلك طريقة تفكيرك ونظرتك لذاتك، وللحياة من حولك.
القناعات الذهنية الخاطئة تُعتبر سببًا مباشرًا لمشاكل الكثيرين في حياتهم، وذلك لأن تلك القناعات الخاطئة التي تربينا عليها في مرحلة الطفولة أو الشباب تُعيقنا وتقف أمام تقدمنا الفكري والعملي، فهي بمثابة حدود وهمية نُقنع أنفسنا بها بسبب معلومات خاطئة ومغلوطة تلقيناها ممن هم حولنا، وأصبحت تلك القناعات مصدرًا رئيسيًا لليأس والإحباط وهي منتشرة لدى بعض فئات المجتمع وهي أخطر من نقص المهارات لدى الشخص.
3. إفهم وأدرك المعنى الحقيقي للفشل
الإدراك هو عبارة عن عملية عقلية بحتة تقوم على مجموعة من الأفكار المخزنة لديك باعتبار أننا كلنا بشر فينا أوجه قصور ونقاط قوة، ونقاط ضعف يمكننا معالجتها والتخلص منها.
يمثل الإدراك نحو 50% من عملية التغيير، فعندما تُدرك بأنك تعاني من أي مشكلة ستبدأ على الفور بالتخلص منها، وتنمية المهارة المطلوبة لمواجهتها من خلال البحث والتدرب عليها تدريجيًا.
كما يجب عليك أن تُدرك أن الفشل ليس نهاية العالم، وأنك قادر على أن تُحقق ما تريده، مهما عانيت ومهما كان الثمن، لا تَهتم لِما سيقوله الناس عنك، فهم لا يعرفونك حق المعرفة، أنت فقط من تعرف نفسك جيدًا.
لا تحاول أن تثبت للناس بأنك شخص ناجح؛ لأن الزمن كفيل في أن يثبت ذلك، ولا تجعل من المعايير الاجتماعية التي وضعها المجتمع قيودًا لك، كُن مختلفًا في أهدافك وطموحاتك في النهاية سيدركون من أنت.
وإذا حدث وصادفك الفشل قم وانهض ولا تستسلم أبدًا، واعلم بأن أفضل الاكتشافات وأعظم الأفكار جاءت نتيجةً لمحاولات فاشلة، وغير موفقة لأناس لا يعرفون اليأس والاستسلام أبدًا.
4. كن فضوليًا في البحث عن الأشياء التي تخاف منها وقم بممارستها
لكي تنجح يجب على رغبتك في النجاح أن تفوق خوفك من الفشل، ولكي تزيد من رغبتك في النجاح تعرف على الأفكار التي تولد الخوف لديك وتخلص منها، كُن مراقبًا لكل ما يحدث في أعماقك، قم بممارسة الأشياء التي تخاف منها، لأنك في كل مرة تفعل فيها شيئًا يُخيفك فأنت فعليًا تسحب من رصيد قوة الخوف لديك، وتودع في رصيد قوة ثقتك بنفسك، بهذه الطريقة ستكون أقوى وأكثر ثقة.
5. عيش الحاضر فقط
لا تتعمق بالتفكير ولا تحلل كل شيء يحدث لك، ولا تفكر في الماضي فقد مضى ولا يمكن تغييره، ولا ترهق نفسك في التفكير بالمستقبل، فهو بيد الله تفاءل، حدد لنفسك هدف وأبدأ في العمل من أجل الحصول عليه وتحقيقه، التفكير في الماضي والندم على ما ضاع منك لا يُغير شيئًا، والتفكير في المستقبل يزرع فيك أوهام ومخاوف قد لا تحدث أبدًا
راجع ذكريات الماضي، ثم فكر في الأشياء التي كنت تخاف منها، ماذا حدث حينها لا شيء، ألم تُدرك بأنها كانت وهمية، وقد أعطيتها من التفكير أكبر مما تستحقه.
لذا ركز على الحاضر فقط لأن ما تقوم به اليوم هو من سيحدد مصيرك في المستقبل، وعندما تركز على نفسك في الوقت الحاضر ستدرك بأن كل شيء على ما هو عليه، وهذا بدوره يجعلك تتقبل طبيعة الحال الذي أنت فيه ومحاولة تطويره.
6. مارس الشعائر الدينية وأحسن الظن بالله وكن ممتنانًا لكل ما تملكه
قم بممارسة الشعائر الدينية لتنمية جوهرك الروحي، استخدم معتقداتك الدينية بيقين وإخلاص وتأمُل؛ لأن الدين من مكونات الحياة الأساسية، وإهماله يجعلك تعيش في حالة من الاكتئاب والضياع والخوف والقلق.
لذا لا تمارس الدين بطريقة شكلية، أو كلام يردده لسانك دون أن يتسرب معناه إلى أعماق قلبك، يجب أن تكون مستشعرًا عظمة الخالق، وحفظه لك وكرمه عليك وتوفيقه لك، كما يجب أن تُطبق كل التعاليم الدينية في تعاملاتك اليومية، فـ بقدر ما تكون علاقتك مع الله قوية، بقدر ما يزيد شعورك بالأمان والراحة والإطمئنان.
7. ابتعد عن الأشخاص السلبيين المتشائمين
البيئة التي تعيش فيها والأشخاص الذين تقضي وقتك معهم لهم تأثير كبير جدًا على حياتك، وعلى طريقة تفكيرك، وذلك من خلال زرع الأوهام والأفكار السلبية، والقناعات الخاطئة فيك، فهناك أشخاص متشائمين يغلقون أمامك كل الفرص المتاحة، وذلك من خلال تخويفك منها والتركيز على كل ما هو سلبيٌ فيها.
كما أن هناك أشخاص فشلوا في حياتهم ولا يريدونك أن تنجح وتصبح في حال أفضل من حالهم، فيقومون بتضليلك وإعطاء معلومات وأفكار خاطئة تزيد من إحباطك ويأسك، لذا إنتبه لكل معلومة أو فكرة تدخلها إلى عقلك الباطن، أحط نفسك بأشخاص ناجحين، كن مع من يؤمن بك وبطموحاتك وأحلامك، مع من يُرشدك ويُحب لك الخير ويقف سندًا لك في كل موقف تتعثر فيه.
8. تحدث عن مخاوفك مع شخص تثق به فقط
الفضفضة والتحدث عن المخاوف مع شخص موثوق وصاحب تجارب سابقة في الحياة يساعدك في حل المشكلة التي تعاني منها، ولكن تجنب التعمق في التفكير وتمثيل دور الضحية بهدف اكتساب الشفقة، أو تبرير تصرفاتك واستسلامك للواقع.
قم باختيار الشخص المناسب للتحدث معه، وإذا لم يكن لديك من تتحدث إليه، فحاول أن تكتب مخاوفك ثم قم بالتفكير فيها، والتخطيط في كيفية حلها والتخلص منها.
9. فكر بطريقة إيجابية وتجنب مقارنة نفسك بأحد
نحن نخسر إمكانيتنا العضمى بسبب مقارنة أنفسنا بالآخرين، وبسبب الاعتقاد بأننا نستمد تلك الإمكانيات من مصدر خارجي مع أن مصدرها الحقيقي يوجد بداخلنا نحن.
لذا لا تقارن نفسك بالآخرين، ولا تدع أحدًا يدفعك لتوقيته الزمني، فكل شخص منا وله وقته، وظروفه، وطريقته الخاصة في تحقيق أهدافه.
10. غير منظور الرؤية لديك
غير الطريقة التي تنظر بها للواقع من حولك، وتعلم كيف تتعامل مع مخاوفك وأفكارك السلبية انظر للأمور من عدة زوايا لكي تنظر لها من منظورها الصحيح.
لا تركز أكثر من اللازم على نقاط ضعفك والأشياء السلبية لديك، لأن هذا يُقلل من ثقتك بنفسك، ولكن ركز على نقاط القوة لديك أولًا، ثم قم بتطوير مواهبك ومهاراتك.
لا يمكنك أن تعرف قيمتك الحقيقية ولا قيمة ما تفعله، ولا يمكن أن يخبرك بها أحد، لذا يجب عليك أن تكون ذكيًا في تقييم نفسك، ومعرفة القيمة الحقيقية لما تقوم به، فقد تعتقد أحيانًا بأنك لا تصنع شيئًا كبيرًا ذا أهمية مع أنك في الطريق الصحيح نحو النجاح، ولكنك لا تُدرك ذلك.
11. استسلم وتقبل المخاوف القوية الخارجة عن نطاق سيطرتك
لا تُشغل نفسك بالخوف من أشياء خارجة عن نطاق سيطرتك، ولا يمكنك التحكم فيها، خُذ بالأسباب وتوكل على الله وسلم الأمر له، فأنت بهذا لم تستسلم في مواجهة الحياة، أنت ببساطة تتوقف عن التفكير المستمر في أشياء لا طاقة لك بمواجهتها وتغييرها.
لأن التفكير في أشياء تخاف منها ولا تريد أن تواجهها يولد لديك مشاعر مكبوتة تجاهها يتم تخزينها في العقل الباطن، بالتالي تؤثر بشكل سلبي على العقل الواعي الذي يتم توجيهه من العقل الباطن.
12. فكر في أسوأ ما يمكن أن يحدث لك
إذا لم تستطيع أن تواجه مخاوفك وتتخلص منها، فكر فيما يمكن أن يحدث لك إذا ساءت أمورك الشخصية، ثم أوجد لنفسك خُطة بديلة، وهدف بديل، ولكن لا تنتقل إلى هذه الخطوة إلا بعد أن تبذل قُصارى جهدك في تحقيق ما تريده، لأن ذلك قد يؤثر على شغفك، وعلى الدافع النفسي لديك بشكل سلبي، فيجعلك تنتقل إلى الخطة البديلة بدل الاستمرار في تنفيذ خطتك الأولي.