السعادة الحقيقية |
السعادة هي الشيء الوحيد والهدف النهائي الذي يبحث عنه كل الناس ويرغبون في تحقيقه والوصول إليه؛ ولكن هل سأل أحدنا نفسه عن ما تعنيه السعادة بالنسبة له؟ وما الذي يمنعه من تحقيقها؟ وهل هناك سعادة حقيقية فعلًا، أم هي مجرد متعة تقل وتزيد حسب الظروف، أو حسب ما يتم امتلاكه من أشياء، أو ما يتم تحقيقه من أهداف؟ إذا كان الأمر كذلك؛ فما هي السعادة الحقيقية إذن؟ وكيف يمكننا تحقيقها والحصول عليها؟
ماهي السعادة
السعادة هي حالة ذهنية تتميز بمشاعر إيجابية ممتعة، ورضا تام عن النفس، وتقبل كامل للذات مع الشعور بالرفاهية والفرح.
بالنسبة للكثيرين؛ يتم تعريف السعادة من خلال ما تم تحقيقه من أهداف، أو بما تم الحصول عليه وامتلاكه من أشياء، ولكن ألا تعتقد أن السعادة هنا تكون مرتبطة بأشياء مادية أو بأماكن أو بأشخاص آخرين، في حين أن هذه الأشياء قد تساهم في الشعور بالسعادة، ولكن هل تجلب لنا السعادة الحقيقية فعلًا؟ أذا كان الجواب نعم؛ فلماذا لا يشعر الإنسان بالسعادة عندما تتوفر له كل سبل الراحة والأمان؟ لماذا كل هذا لا معنى له ومجرد خواء أو فراغ؟
ما الذي نحتاجه إذًا لكي نشعر بالسعادة الحقيقية الدائمة، وليس الشعور بالمتعة المؤقتة؟
إن ما نحتاجه حقًا لكي نجد السعادة في الحياة هو أن نشعر بأننا ذو قيمة حقيقة في هذا العالم، هو أن يكون لحياتنا معنى، وأن نشعر بأننا نحدث فارق في هذه الحياة، وبأن لنا وجود حقيقي؛ وذلك لأن الإنسان يحتاج إلى أكثر من الأكل والشرب ليشعر بالسعادة في الحياة.
امتلاك كل مقومات العيش وتحقيق الاكتفاء الذاتي وكل متطلبات الراحة دون وجود هدف ومعنى للحياة لا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالسعادة طويلة الأجل، بالرغم من أنها قد تؤدي إلى الشعور بالمتعة قصيرة الأجل.
ما الذي يمنعنا من تحقيق السعادة
أحد الأسباب الشائعة التي تجعلنا نشعر بالتعاسة ونجد صعوبة بالغة في العثور على السعادة هو إدراكنا لما هي عليه حقًا. حيث تعتمد قدرتنا على أن نكون سعداء على كيفية تعريفنا لها.
والحقيقة أننا نبحث عن سعادتنا في العالم الخارجي. نحن نجهل أو - بالأصح - لا نفهم حتى المعنى الحقيقي للسعادة الحقيقية.
السعادة الحقيقية هي السعادة التي تنبع من الداخل إلى الخارج. السعادة هي حالة من السلام الداخلي والقبول والرضا والامتنان لما أنت عليه،
السعادة الحقيقية هي الاستمتاع بعلاقاتك الخاصة والعيش في سلام وانسجام مع جسدك وعقلك وروحك. السعادة الحقيقية هي حالة ذهنية تحبها باستمرار.
السعادة ليست حالة من الرفاهية، أو المتعة، أو الانتقال من فرحة لأخرى؛ السعادة هي السعي الفعلي والعمل الدؤوب الذي يتوافق مع ما تحب القيام به، وترغب في تحقيقه.
لكونك سعيدًا حقًا، فأنت لا تحتاج إلى أشخاص آخرين ولا إلى أشياء مادية.
10 طرق بسيطة لإيجاد السعادة
نحن جميعًا نريد أن نشعر بالسعادة، ولكل منا تعريف مختلف لما تعنيه السعادة بالنسبة له وطرق مختلفة للوصول إليها، ولكن الشيء المهم هو كيف نتمكن من تحقيق تلك المشاعر الإيجابية والعيش بسعادة أكبر.
فيما يلي 10 طرق يمكنك اتخاذها لزيادة الشغف والرغبة وتحقيق المزيد من السعادة في حياتك:
1- عيش حياتك وفقًا لـ مبادئك وقيمك
القيم التي ينبغي عليك أن تتمسك بها وتحيا عليها هي معايير السلوك والأخلاق التي تستطيع من خلالها التمييز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، وبين ما هو مفيد وضار.
كل ما تجده صحيحًا، وما تعرف أنه عادل، وما تؤمن به كلها قيم ومبادئ، كلما تمسكت بها؛ كلما شعرت بتحسن في حياتك.
لأن العيش وفق المبادئ والقيم والفضائل هي من تحدد لاحقًا مشاعرك وأفكارك وتصرفاتك.
لذا يجب أن يكون لديك رؤية لحياتك أو فلسفة خاصة بك ليكون بمقدورك الانسجام مع المتغيرات، والتكيف مع ظروف الحياة المختلفة، الشخص الذي يعيش بلا فلسفة أو رؤية لن يكون بمقدوره التماشي مع الحياة ومسايرتها بإيجابية، وسيكون عرضة للانفعالات التلقائية الغير واعية. ضع رؤيتك وأهدافك نصب عينيك، ثم نظم حياتك بحيث تتوافق مع فلسفتك وتصورك.
إن أهدافك التي حددتها، والمهارات والمواهب التي لديك، والمبادئ والقيم التي وضعتها لنفسك، والمعتقدات والتصورات الوجودية التي شكلتها عن نفسك وعن ما يحيط بك، وارتباطك الروحي بخالقك وجميع ما تمتلكه وتؤمن به تمثل قواعد فلسفتك في الحياة، لذا حددها بدقة، واجعلها كدستور لك، ثم امضِ بما يتوافق معها.
2- تقبل ذاتك
يعتبر التقبل الكامل للذات أحد أبرز الأمور الأساسية لتحقيق السعادة، التقبل الكامل لذاتك ورضاك عن نفسك وعن ما أنت عليه هو انتهاء للشك الذاتي ولكل الصراعات الداخلية التي لديك، هو الخطوة الأولى نحو تحقيق السلام الداخلي وإيجاد الثقة بالنفس وتقدير الذات.
انظر إلى حياتك وقم بتقييم ما ينجح، ولا تتذمر من شيء لمجرد أنه ليس مثاليًا. ركز على الأشياء الجيدة حتى الأشياء الصغيرة لا تتجاهلها.
استمر بالإيجابية والتفاعل الإيجابي مع الأخرين من حولك، وإن مرت بك لحظات سلبية بسبب أفكارك، أو مؤثرات خارجية فإن الطريقة الوحيدة لاجتياز المرحلة المؤلمة في حياتك هي أن تعيشها كاملة لا بالتجاهل ولا بالتحايل، بل بالوعي والمواجهة فقط سوف تُشفى.
عيش اللحظة المؤلمة وتحمل الشعور السيء؛ ولكن لا تبني عليه نية، أو تتخذ فيه قرار، دعه يعبر بصمت وسلام حتى يقل ويتلاشى وجوده.
3- اجعل لحياتك معنى
ابحث عن رسالتك وعن معنى حياتك والهدف من وجودك في هذا الكون. أولئك الذين يعتقدون أنهم يساهمون في خدمة البشرية يميلون إلى الشعور بتحسن في حياتهم. لأن لديهم احساس بالمعنى والهدف من الوجود، فهم يشعرون بأن لهم قيمة حقيقية في هذا العالم، وهذا بدوره يولد لديهم الشعور بالرضا والسعادة.
السعادة ليست مجرد مزاج جيد أو شعور إيجابي، السعادة حالة من الرفاهية تشمل العيش بطريقة جيدة، مع إحساس بالمعنى والرضا العميق عن الذات.
4- ركز على الحاضر وعيش اللحظة
يمكن تحقيق السعادة عن طريق اتباع نهج الاستمتاع باللحظة، وتجنب التفكير في الماضي، أو القلق بشأن المستقبل، حيث يؤدي عيش الحاضر والاستمتاع به بشكل جيد إلى التخلص من القلق والتوتر، ويساعد على بناء وتحسين العلاقات، واستغلال الفرص في سبيل تحقيق الأهداف والوصول إلى حالة من الرضا والقبول التام للذات.
5- كن انتقائيًا في علاقاتك
كون علاقات اجتماعية جيدة، كن مع الأشخاص الذين يشعرونك بالثقة، الأشخاص الذين يقفون سندًا وعونًا لك في كل المواقف.
أحط نفسك بأشخاص يهتمون بك وتهتم بهم. تواصل مع الأصدقاء القدامى. اظهر لأصدقائك وعائلتك أنك تهتم بهم وأنك ممتن لوجودهم في حياتك.
اختر بعناية ما يستحق أن يكون ضمن إطار حياتك، وإياك واستنزاف نفسك ووقتك في أماكن أو علاقات، أو دروب، أو صداقات ليست لك، ولا تشبهك، ولا تُعبِّر عنك.
توقف عن الاهتمام برأي الآخرين فيك، أو إظهار أنك أفضل منهم؛ لأن أي نية تريد فيها إثبات ذاتك للآخرين؛ هي نية توجد صراع داخلي يستنزفك روحيًا ومشاعريًا.
6- تحمل مسؤولية حياتك
من السهل أن تلقي اللوم على من حولك، أو على الظروف، أو أن شخصًا آخر خذلك وتخلى عنك، وأنه المسؤول عن عدم تحقيق أحلامك، لا تتوقّع من أحد أن يُنهي المهامّ المُلقاة على عاتقك، ولا تعوّل على أحد بأن يجلب لك النّجاح؛ لأنك أنت المسؤول الوحيد عن حياتك وعن ما أنت عليه. بمجرد أن تدرك ذلك، ستبدأ في اكتشاف ذاتك والبحث عن نقاط القوة لديك واستغلال إمكانياتك عندها ستدرك بأن لديك القوة للوصول إلى حيث تريد.
لا شيء مستحيل أنت تستطيع أن تحقق النجاح والسعادة إن أردتَ ذلك.
اشحَن نفسك كل يوم بأفكار إيجابية وأمنيات جديدة وأحلام واقعية تريد تنفيذها، حاول أن تترجمها لرغبة عارمة بتحقيقها، ولعمل دؤوب من أجل تحويلها من أمنيات وأحلام إلى حقيقة وواقع.
7- قم بممارسة الشعائر الدينية
التقرّب من الله سبحانه وتعالى، وممارسة الروحانية وأداء الشعائر الدينية، يُساهم بشكل كبير في غرس مبادئ السعادة والراحة النفسيّة لدى الإنسان، وذلك لأنّ التقرب من الله يجعل الإنسان يستشعر حفظ الله وتوفيقه له، حيث يشعر بالأمان الذي لا نهاية لهُ، ويساعده على التخلص من كل مشاعر الخوف والقلق والتوتر.
8- كُن مُنفتِحًا على التغيير وأخرج من دائرة الأمان التي تحيط نفسك بها
السعادة نتاج ثانوي للتغيير لذا حاول أن تتكيف مع التغيير باستمرار، التغيير هو الشيء الوحيد الذي يمكنك من تجربة أشياء جديدة.
لا يوجد هناك شيء دائم ومستمر؛ التغيير سيحدث شئت أم أبيت، لذا ضع خططًا للطوارئ واستعد لخوض التجارب الجديدة واستغلال الإمكانيات المتاحة من أجل التغيير للأفضل.
بالرغم من أن ترك ما تألفه وراءك قد يسبب لك بعض الألم والحزن، ولكن هذا شيء ضروري لكي تحقق ما تريد وتتمكن من العثور على السعادة بشكل دائم.
9- تعلم فن التخلي
عندما تتعلم فن التخلي ستجد الطريق إلى الحرية والاستقلال النفسي. من خلال التخلي لن تكون أسيرًا لماضيك، أو لعواطفك السلبية، ستكون مكتفيًا بذاتك، لن تبني سعادتك على أحد مهما كان، ولن تُعلق أمالك بشخص، ستكون في حالة مزاجية جيدة.
ستعطي الحرية لكل من حولك، لن تجبر أحدًا على البقاء بجانبك، ولن تأسَ على من يريد خسارتك، أو الابتعاد عنك.
10- ركز على كل الأمور التي تُشعِرك بالسعادة مهما كانت بسيطة
ركز على كل الأمور التي تزيد من ثقتك بنفسك وتُشعرك بالقيمة والكفاءة، والبهجة والسعادة والرضا؛ وذلك من خلال الانغماس بانتظام في الملذات الصغيرة والاستمتاع بها، وممارسة الأنشطة، وتحديد الأهداف وتحقيقها، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية الجيدة، وإيجاد معنى لحياتك.