السلام الداخلي |
السلام الداخلي أحد أهم الطرق التي تمكننا من الوصول إلى السعادة الحقيقية، وراحة البال، فما هو السلام الداخلي؟ وكيف يمكننا تحقيقه؟
قد تشعر أحيانًا أن تحقيق السلام الداخلي والهدوء وراحة البال في حياتك شئ من المستحيل تحقيقه، ولكن الأمر ليس بهذا التعقيد، حيث يمكن للتغييرات البسيطة في حياتك أن تُحدث فرقًا كبيرًا بمرور الوقت.
في هذا المقال سنتحدث عن أهم النصائح التي ستمكنك من إيجاد السلام الداخلي والتصالح مع الذات وتحقيق الهدوء النفسي في حياتك اليومية.
السلام الداخلي والراحة النفسية
السلام الداخلي هو التواصل مع طبيعتك الحقيقية (روحك)، هو السعادة الحقيقية والتقبل الكامل للذات والشعور بالامتنان والرضا لما أنت عليه. هو ما تشعر به عندما يكون جسمك، وعقلك، وقلبك، وروحك في حالة من التوافق والانسجام التام. بدلًا من السعي للسيطرة على نفسك والآخرين، هو شعور القبول والتسامح والحب والرحمة تجاه ذاتك والآخرين.
10 طرق لتحقيق السلام الداخلي
نحن جميعًا لدينا العديد من المشاكل والضغوط النفسية، وخيبات الأمل، ومحطات الفشل، والإحباط، والاكتئاب، والقائمة تطول وتطول… حيث يمكن أن تكون الحياة اليومية مرهقة في بعض الأحيان، نتيجة للفوضى التي تأتي بأشكال مختلفة بعضها واضح، وبعضها أكثر فتكًا، وبعضها معتاد، وبعضها تدريجي. ولكن بغض النظر عن الألم الذي تواجهه في حياتك، اعلم أن مصدر هذا الألم يأتي من الداخل.
أنت تخلق حالتك الذهنية من خلال الأشياء التي تفعلها، وتثبت ذلك بالأشياء التي تخبرها لنفسك.
فيما يلي 10 طرق يمكن من خلالها تلخيص السلام الداخلي وكيف يمكن تحقيقه:
1- اخفض سقف توقعاتك من الحياة والآخرين
اخفض سقف توقعاتك من الحياة والناس إلى الحد الأدنى لكي لا تنصدم بإحد أو بشئ؛ بادر بفعل الخير للجميع، ولا تنتظر شيئًا من أحد، ولا تعتمد على أحد.
التوقع والاعتماد على الآخرين مضيعة للوقت والطاقة والجهد وعاقبته الشعور بالتعب والاستياء والتوتر والندم.
غالبًا ما تكون توقعاتنا غير واعية، بعبارة أخرى، نحن لا ندرك أننا نطلب الكثير من الآخرين والحياة نفسها. فهم هذه النقطة ومحاولة التغلب عليها هي بداية الطريق نحو السلام الداخلي.
2- تخلص من الأحقاد والشعور بالسخط تجاه من أخطأ في حقك.
إن التمسك بالأحقاد والضغائن يولد لدى الشخص شعورًا بالمظلومية، والرغبة في الانتقام، مما يؤدي إلى استنزاف الطاقة والجهد وتضيع الكثير من الفرص بسبب عدم التركيز على تفاصيل الحياة.
لذا يجب عليك أن تنسى الماضي وتبدأ بفتح صفحة جديدة في الحياة.
اكتفي بالابتعاد وقطع العلاقة في حال كان الأذى كبيرًا والألم عميقًا جدًا. قد ترغب في التسامح والمغفرة ولكن قبل أن تسامح وتغفر تأكد جيدًا من أن الطرف الآخر يستحق هذه المغفرة ومتشوقًا لها ونادمًا على ما قام به في الماضي.
3- تقبل مشاعرك.
مهما كانت مشاعرك غير مريحة أو مؤلمة تأكد بأنها عابرة و مؤقتة، تقبل مشاعرك واحتضنها، لا أحد منا يحب الشعور بمشاعر غير مريحة، حيث نحاول أن نقمعها أو نتجنبها. لسوء الحظ، هذا يخلق قمعًا عاطفيًا جسيمًا وله تأثير سلبي كبير.
إخفاء مشاعرك وقمعها ليس مثل التعامل معها وعيشها بالكامل، إختفاء مشاعرك مؤقتًا لا يعني أنها اختفت تمامًا. في الواقع، كلما طال قمعهم، كلما كبروا. وكلما كبرت هذه المشاعر، كلما شعرت بنقص شديد في السلام الداخلي لديك.
لذا يجب عليك الجلوس بوعي مع مشاعرك دون مقاومة أو حكم، اطلق العنان لنفسك لتعيش طقوس أحزانها، عيش اللحظة المؤلمة وتحمل الشعور السئ، دعه يعبر بصمت وسلام حتى يقل ويتلاشى وجوده. قد يكون من الصعب جدًا في البداية تَقبل مشاعرك، إلا أنك ستشكر نفسك بصدق على المدى الطويل.
كل ما يجب عليك فعله وأنت تعيش طقوس أحزانك وآلامك هو أن لا تتخذ فيه قرار، أو تعقد نية للقيام بشيء ما.
4- عيش اللحظة وتقبل الواقع.
الحقيقة هي أن الماضي والمستقبل لا وجود لهما في اللحظة الحالية. كل ما هو موجود الآن هو الآن. من خلال التفكير في الماضي، والخوف من المستقبل، نفقد التواصل التام مع اللحظة الحالية، وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق وعدم الأمان.
أيا كان ما يحدث في الوقت الحاضر، تقبله لا تقاوم، ولا تناضل ضده. الحاضر هنا بالفعل، تقبل واستسلم لما هو موجود، ثم اسأل نفسك ماذا تتطلب منك اللحظة الحالية، وافعله.
5- انتبه لحاجتك المهووسة بالتحكم والسيطرة.
عندما تكون مهوس في التحكم بما يحدث في حياتك فأنت بذلك تُعرّض نفسك للخطر لأنك تنغمس جدًا فيما تُحب رافضًا تصديق فكرة أن الأمور قد لا تسير كما خططت لها. وبطبيعة الحال فإن هذا يؤدي إلى الشك الذاتي والتوتر والقلق، وانعدام السلام الداخلي.
السيطرة هي نتاج الخوف وعدم الثقة تجاه نفسك وقدرتك على التعامل مع كل ما تطرحه عليك الحياة. ولكن بمجرد أن تركز أكثر على ما يمكنك التحكم فيه فقط، عندها ستأتي المرونة الفطرية ، سوف تجد قوة روحك، وتبدأ في الثقة بنفسك وبالتالي ستنفتح على الحياة بشكل أكبر.
6- تقبل ذاتك.
"يبدأ السلام الداخلي في اللحظة التي تختار فيها عدم السماح لشخص آخر أو حدث آخر بالتحكم في عواطفك".
- بيما شودرون
التقبل الكامل للذات يولد الثقة بالنفس، لأن القبول ينقلك إلى مرحلة الرضا، والرضا ينقلك إلى مرحلة السلام الداخلي الذي ينقلك إلى مرحلة حب الذات.
عندما تنتقل إلى مرحلة حب الذات سيرتفع استحقاقك وحينها واقعك سوف يبدأ في التحسن، و ستجذب علاقات أفضل، وستنتقل من نسخة إلى نسخة أفضل.
كل شيء يبدأ من خلال القبول، تعلم أن تتقبل ذاتك الحقيقية بدون تصنع أو زيف.
لا تتقمص شخصية غير شخصيتك، ولا تبالغ في كسب ود الآخرين ورضاهم عنك، توقف عن السعي وراء القبول الاجتماعي، تقبل حقيقة أن تكون غير مقبول لدى الآخرين.
7- ابتعد عن الأشخاص الذين يستنزفون طاقتك الداخلية
هناك الكثير من الأشخاص مصاصي الطاقة قد يكونوا أصدقاء، أو أفراد عائلة، أو عُشاق، أو زملاء عمل.
أحيانًا يمارس ضدنا الاستغلال بأبشع صوره مُغلفًا بأقنعة "الحب" أو "الصداقة"، وقد يأتي من قريب أو صديق -أو حتى من الغرباء- ونحن لا ندرك أنهم ليسوا سوى "مصاصو طاقة " و"سيكوباثيون" مقنعون بلا ضمير ولا إنسانية ولكنهم مغلفون بغلاف الأخلاق والأقنعة المزيفة، فلا نفيق إلا بعد فوات الأوان، بعد أن نكون قد خسرنا صحتنا النفسية.
الأشخاص مصاصي الطاقة يميلون إلى تقييد نموك الذاتي، ويستنزفون طاقتك العقلية والعاطفية والجسدية والروحية ويتركونك خاويًا من الداخل؛
لذا يجب أن تفحص كل الأشخاص الذين تتعامل معهم يوميًا. هل هم استغلاليون ويبحثون عن مصالحهم، أم داعمون ومشجعون.
هناك أنواع مختلفة من البشر ولكن أسوأ تلك الأنواع هو النوع الإستغلالي. الشخص الإستغلالي مهما تعبت من أجله ومهما كانت تضحياتك معه، ومهما قدمت له سيوصل لك شعور أن هذا واجب عليك، حتى لو قدمت له من روحك، ومالك، وقتك، وإبداعك، بالنهاية سيجعلك تشعر بأنه المتفضل عليك، هذا النوع سوف تجد نفسك بعد علاقتك معه مستنزف داخليًا وبدون أي تقدير. هذه النوعية من البشر حاول أن تبتعد عنهم مهما كان قريب منك.
إذا لم يكن من الممكن قطع علاقتك معهم وإخراجهم من حياتك؛ فيجب عليك الابتعاد قدر الإمكان والحفاظ على مسافة بينك وبينهم، وأخذ فترات راحة منتظمة منهم.
8- توقف عن السعي نحو المثالية والكمال.
لست بحاجة إلى أن تكون "مثاليًا"، الكمالية تعزز الإجهاد والتعب المزمن. عندما تحاول أن تكون مثاليًا في كل أمورك الشخصية فإن هذا شيء مستحيل وحاجة قهرية وغير واقعية، الأشخاص الذين يسعون نحو الكمال والمثالية يضعون لأنفسهم معايير عالية جدًا لدرجة أنّ ارتكاب أيّ خطأ؛ أو عدم تحقيق الهدف يُترجم بأنه فشل؛
مما يؤدي إلى تداعيات عاطفية كبيرة كالاكتئاب والقلق، واضطراب الهلع، والشعور بالتعاسة، كما قد يؤدي إلى مشكلات نفسية أخرى، كالقلق الاجتماعي أو التوتر.
لذا يجب عليك أن تفهم دوافعك النفسية والضغوطات الكامنة وراء سعيك للكمالية لكي تتمكن من تعديل أفكارك وسلوكياتك بحيث تصبح أفكارًا وسلوكيات تكيفية وصحية من الناحية النفسية.
يجب أن توجد لنفسك عقلية تعتمد على مبدأ الاعتدال وإمكانية النمو والتعلم من الأخطاء.
إن احتضان عيوبك والتعلم من أخطاءك سوف يساعدك على الشعور بالسلام الداخلي.
9- كن حازمًا.
كن منفتحًا ومتقدمًا مع احتياجاتك ورغباتك. ليس من المرجح أن تحصل على ما تريد فحسب، بل ستشعر أيضًا بمزيد من التحكم في حياتك.
يؤدي كونك سلبيًا إلى امتلاك تحكم أقل، وهو ما يتعارض مع السلام الداخلي. كن جريئا دون أن تكون عدوانيًا.
لا تدع الآخرين يقفون في طريقك، وتحمل المسؤولية الكاملة عن حياتك.
10- مارس الامتنان.
كن ممتنًا لكل ما لديك، تصالح مع ذاتك، يتحقق السلام الداخلي عندما يبدأ المرء بالتركيز أكثر على الجانب الإيجابي الذي لديه، والتخلص من شوائب الأفكار الملوثة، وينفض عن قلبه غبار المشاعر السامة، يتحقق السلام الداخلي عندما تكون فكرة نجاح الآخرين لا تشكل أي تهديدًابالنسبة له، ولا شعور الثناء عليه أو ذمه يزعجه أبدًا، لأنه يعرف جيدًا قيمته الذاتية، ولديه مستوى عالي من تقدير الذات.
أخيرًا، تأكد جيدا بأن الشخص الواعي الذي استطاع تحقيق السلام الداخلي، والاستقرار النفسي والسعادة في حياته قد دفع الثمن، جازف ووقع، تحدى ونجح، فشل وتفوق، اخترق المجهول ولم يبالي، خاض التجارب واكتئب، وصل لحافة اليأس وأخرج نفسه بسلام.
هو لم يحظى على ارتياحه الحالي بوقوفه في مكانه، ولكنه خاض التجارب وغامر وتعلم منها الكثير من الدروس والخبرات التي مكنته من الوصول إلى ما هو فيه من راحة وسلام واطمئنان.