الذكاء العاطفي |
كثيرًا ما يواجه الإنسان صراعًا بين عقله وعاطفته، حيث يمكن للعواطف أن تقود سلوكياتنا وتؤثر على ردود أفعالنا تجاه ما يحدث معنا.
عندما ترتفع العواطف، فإنها تغير الطريقة التي تعمل بها عقولنا ويمكن أن تقلل من قدراتنا المعرفية، وإمكانياتنا في اتخاذ القرارات المصيرية في حياتنا.
ومن هنا تكمن قوة الذكاء العاطفي وأهميته، حيث يُعتبر واحد من أهم العوامل التي ستمكنك من تحقيق النجاح في الحياة، حيث يمكنك من خلاله فهم وإدارة عواطفك وعواطف الآخرين بطرق إيجابية ومناسبة تساعدك على أن تكون أكثر نجاحًا في حياتك الشخصية والمهنية.
الموازنة والتكامل بين العقل والعاطفة أمر ضروري ولازم لاستقرار الحياة والنفس؛ فالحياة ليست عقلاً فقط، كما أنها ليست عاطفة فقط.
في هذا المقال سنتحدث عن الذكاء العاطفي، وعن أهميته، وعن المهارات الأساسية لتعزيزه وتطويره.
ما هو الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم وإدارة عواطفك بطرق إيجابية لتخفيف التوتر والتواصل بشكل فعال والتعاطف مع الآخرين والتغلب على التحديات وحل المشاكل.
يتمتع الأشخاص الذين لديهم ذكاء عاطفي عالي بالمهارات اللازمة التي تساعدهم على فهم وإدارة عواطفهم الخاصة، وقراءة إشارات الآخرين وفهم مشاعرهم، والاستجابة لاحتياجاتهم، مما يساعدهم على تحقيق المزيد من النجاحات وبناء العديد من العلاقات القوية والعميقة مع الآخرين من حولهم.
أهمية الذكاء العاطفي
يعتمد نجاحنا ونجاح المهنة التي نقوم بها على قدرتنا على قراءة إشارات الآخرين والتفاعل معها بشكل مناسب.
القدرة الفكرية أو معدل الذكاء لا يكفي بحد ذاته لتحقيق النجاح والسعادة في الحياة، فقد تجد أشخاصًا بارعين أكاديميًا؛ ولكنهم غير مؤهلين اجتماعيًا وغير ناجحين في أعمالهم وعلاقاتهم الشخصية.
فيما يلي مجموعة من الفوائد التي تجعل من الذكاء العاطفي عامل مهم ومكمل رئيسي للذكاء العقلي وهي:
- يمكنك من إدارة علاقاتك والتواصل بوضوح مع الآخرين، وإلهامهم، والتأثير عليهم. عندما تفهم مشاعرك وتتمكن من التحكم فيها، فإنك بذلك تكون قادرًا على التعبير عن مشاعرك وفهم مشاعر واحتياجات ومخاوف الآخرين، والتقاط الإشارات العاطفية، والشعور بالراحة اجتماعيًا؛ مما يتيح لك التواصل بشكل أكثر فعالية مع الآخرين من حولك، وإقامة علاقات قوية وصادقة، سواء في العمل، أو في حياتك الشخصية.
- يساعدك الذكاء العاطفي العالي في اكتساب النضج العاطفي والتغلب على التعقيدات الاجتماعية، والتفوق في حياتك المهنية.
- يساعدك على الانسجام مع مشاعرك وتنمية ذكائك الروحي والاجتماعي والتعرف على نوعية الأشخاص الذين تتعامل معهم ومدى اهتمامهم، والقدرة على تمييزهم ومعرفة الصديق من العدو.
- يمكنك الذكاء العاطفي أيضًا من المحافظة على صحتك العقلية والجسدية. إذا كنت غير قادر على إدارة عواطفك فإن هذا يؤدي إلى التوتر غير المنضبط الذي يزيد من ضغط الدم، ويثبط جهاز المناعة، ويزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، كما يمكن أن تؤثر العواطف والتوتر غير المنضبطين أيضًا على صحتك العقلية، وذلك إذا كنت غير قادر على فهم عواطفك أو الشعور بالراحة معها أو التحكم فيها؛ مما يجعلك عرضة للقلق والاكتئاب، والشعور بالوحدة والعزلة.
المهارات الأساسية لتعزيز الذكاء العاطفي
من أجل تغيير السلوك بشكل دائم بطرق تصمد تحت الضغط، عليك أن تتعلم كيفية التغلب على التوتر في الوقت الحالي، وفي علاقاتك مع من حولك، لكي تظل واعيًا عاطفيًا.
إن الخطوة الأولى لـ تحسين الذكاء العاطفي هي تعلم كيفية إدارة التوتر. فيما يلي أربع مهارات أساسية سوف تمكنك من بناء وتعزيز ذكاءك العاطفي وتنمية مهارات الذكاء العاطفي التي تمكنك من إدارة المشاعر والتواصل مع الآخرين وهي:
1. إدارة الذات
لكي تتمكن من إشراك الذكاء العاطفي الخاص بك، يجب أن تكون قادرًا على استخدام عواطفك لاتخاذ قرارات بناءة بشأن سلوكك، ولكن عندما نواجه التوتر الذي يخرجنا من منطقة الراحة، يمكن أن نشعر بالارتباك ونفقد السيطرة على أنفسنا، عندما تصبح متوترًا بشكل مفرط، قد تفقد السيطرة على عواطفك والقدرة على التصرف بشكل مدروس ومناسب، ولكن من خلال اكتساب مهارات إدارة الذات التي تمنحك القدرة على إدارة التوتر والبقاء واعيًا عاطفيًا، والعمل على إعادة صياغة الموقف بطريقة أكثر إيجابية بحيث تتمكن من تلقي المعلومات المزعجة دون السماح لها بتجاوز أفكارك والتأثير عليك، مما يجعلك قادرًا على اتخاذ خيارات تسمح لك بالتحكم في المشاعر والسلوكيات الاندفاعية، وإدارة عواطفك بطرق صحية، واتخاذ المبادرة، ومتابعة الالتزامات، والتكيف مع ظروف الحياة المتغيرة.
2. الوعي الذاتي
قدرتك على فهم المشاعر والتعرف عليها عند حدوثها هي مفتاح الذكاء العاطفي الخاص بك، وذلك لإن قدرتك على الاتصال بمشاعرك وفهمها، والاتصال لحظة بلحظة بتجربتك العاطفية المتغيرة تمكنك من فهم الكيفية التي تؤثر بها مشاعرك على أفكارك وسلوكياتك.
من أجل بناء الذكاء العاطفي يجب عليك تطوير الوعي الذاتي وذلك من خلال إعادة الاتصال بمشاعرك الأساسية، وتقبلها، والارتياح لها، لكي تتمكن من التعامل معها.
كما يجب عليك أيضًا تنمية وتعزيز العناصر الرئيسية للوعي الذاتي وهي:
- الوعي العاطفي الذي يتمثل في قدرتك على التعرف على مشاعرك وتأثيراتها. يمكنك تطوير وعيك العاطفي عن طريق ممارسة اليقظة الذهنية وذلك من خلال تركيز انتباهك على اللحظة الحالية بدون إصدار أي أحكام. تساعد اليقظة على تحويل انشغالك بالفكر نحو تقدير اللحظة، والتركيز على أحاسيسك الجسدية والعاطفية، وإضفاء منظور أكبر على الحياة، مما يجعلك أكثر هدوءًا ووعيًا بنفسك.
- الثقة بالنفس. يمكنك بناء ثقتك بنفسك من خلال معرفة قيمتك الذاتية، والتركيز أكثر على نقاط قوتك، واكتشاف مواهبك، وتطوير مهاراتك، والتأكد من قدراتك.
3. الوعي الاجتماعي
يمكّنك الوعي الاجتماعي من التعرف على الإشارات غير اللفظية التي يستخدمها الآخرون باستمرار للتواصل معك وتفسيرها. تتيح لك هذه الإشارات معرفة كيف يشعر الآخرون حقًا، وكيف تتغير حالتهم العاطفية من لحظة إلى أخرى، وما هو المهم بالنسبة لهم.
ذكائك الاجتماعي وقدرتك على معرفة وفهم شعور الناس أمرًا مهمًا لتحقيق النجاح في حياتك ومهنتك. كلما زادت مهارتك في تمييز المشاعر الكامنة وراء إشارات الآخرين، كلما تمكنت من التحكم بشكل أفضل في الإشارات التي ترسلها إليهم.
عندما ترسل مجموعة من الأشخاص إشارات غير لفظية متشابهة، يمكنك قراءة وفهم ديناميكيات القوة والتجارب العاطفية المشتركة للمجموعة؛ مما يجعلك متعاطف ومرتاح اجتماعيًا.
4. إدارة العلاقات
العمل الجيد مع الآخرين هو عملية تبدأ بالوعي العاطفي وبقدرتك على إدراك وفهم ما يريده الآخرون. بمجرد أن تُعزز الوعي العاطفي لديك، يصبح بإمكانك تطوير مهارات اجتماعية وعاطفية إضافية بشكل فعال تجعل علاقاتك أكثر فاعلية وإثمارًا وإشباعًا.
فيما يلي مجموعة من النصائح التي ستمكنك من إدارة علاقاتك بنجاح وهي:
- كن على دراية بمدى فعالية استخدامك للتواصل غير اللفظي. من المستحيل تجنب إرسال رسائل غير لفظية للآخرين حول ما تعتقده وتشعر به. تساعدك العضلات العديدة في الوجه، خاصة تلك الموجودة حول العينين والأنف والفم والجبين، على نقل مشاعرك بصمت وكذلك قراءة النوايا العاطفية للآخرين. يكون الجزء العاطفي من دماغك دائمًا قيد التشغيل - وحتى إذا تجاهلت رسائله - فلن يفعل الآخرون ذلك. يمكن أن يلعب التعرف على الرسائل غير اللفظية التي ترسلها للآخرين دورًا كبيرًا في تحسين علاقاتك.
- استخدم الفكاهة واللعب لتخفيف التوتر. الفكاهة والضحك واللعب هي علاجات طبيعية للتوتر. فهي تقلل من أعبائك وتساعدك على إبقاء الأمور في نصابها. يجعل الضحك نظامك العصبي في حالة توازن، ويقلل من التوتر، ويشحذ عقلك ويجعلك أكثر تعاطفًا.
- تعلم أن ترى الصراع على أنه فرصة للتقرب من الآخرين. الصراع والخلافات أمر لا مفر منه في العلاقات الإنسانية. لا يمكن أن يكون لدى شخصين نفس الاحتياجات والآراء والتوقعات في جميع الأوقات. ومع ذلك، لا يجب أن يكون هذا أمرًا سيئًا. يمكن أن يؤدي حل النزاع بطرق صحية وبناءة إلى تعزيز الثقة بين الناس. عندما لا يُنظر إلى الصراع على أنه تهديد أو معاقبة، فإنه يعزز الحرية والإبداع والعمق في العلاقات.
اقرأ أيضًا: ما هو مفهوم الذكاء العاطفي