مفهوم التعاسة |
يمكن للحالة المزاجية السيئة التي تسببها التعاسة أن تدفع المرء إلى خيارات سيئة تؤثر بشكل سلبي على نمط حياته. ومن هنا تكمن أهمية التعامل مع تلك الصعوبات والمواقف الكئيبة المحتملة بطرق واعية وصحيحة لكي يتمكن من العيش بسعادة وراحة بال.
مفهوم التعاسة
التعاسة هي الشعور العميق بالحزن والكآبة، وعدم الرضا، والتذمر وعدم قبول الذات.
إن المصدر الرئيسي للتعاسة هو عدم شعورك التام بالقبول والرضى تجاه ذاتك! عندما نتقبل ذواتنا كما هي سنمحي جزء كبير جدًا من تعاستنا الشخصية، قبولنا التام لذواتنا يقودنا إلى الرضى، والرضى يقودنا إلى الشعور بالسلام والهدوء النفسي.
طرق التخلص من الشعور بالتعاسة
يُعتبر الوعي والإدراك والمعرفة من أهم الآليات التي نحتاجها لكي نتخلص من كل المشاكل والاختلالات النفسية والجسدية؛ عندما لا نعرف الخلل لا يمكننا أن نحل المشكلة، وعندما نُخطئ في تشخيص العلة لن نتمكن من التخلص منها، بل سيزيد الضرر وتبدأ المعاناة ويستمر التوتر ويزيد الخوف وتتوالى القرارات المصيرية الخاطئة في هذه الحياة.
إذا لم تنتبه للطريقة التي تفكر بها ولا تستخدم عقلك الواعي ستكون بعيدًا جدًا عن حقيقتك وعن حقيقة ما يجري حولك.
سيتحكم فيك عقلك الباطن بما تبرمج عليه في الماضي من مخاوف، وأوهام، ومعتقدات، ورغبات، وعادات، وعقائد مدمرة على مستوى الإحساس بالقصور الذاتي، والشعور بالذنب، والقلق، والتوتر، والكبت، واللامبالاة وهذه العناصر هي من تُشكل مفهوم الشخصية لديك والتي غالبًا ما تتم بمنأى كلي عن الوعي، وهذا هو ما يشكل نقطة الضعف الأقوى لدينا والثغرة التي تسبب لنا الكثير من المشاكل والأمراض النفسية والجسدية أيضًا.
الأنسان الواعي لديه قوة إدراك تُمكنه من التخلي عن الأشياء التي تسبب له المشاكل والبؤس، وتدمر سعادته النفسية، لأنه أدرك حقيقة تلك الأشياء وتأكد من صحة مخاوفة ومعتقداته وأدرك حقيقة ما يدور حوله، وتحرر من كل ما هو سلبي مخزون في عقله الباطن، فلم يعد عقله الباطن قادرًا على التأثير عليه والتحكم بتوجهاته وسلوكياته، وهذا بفضل التناغم الموجود بين عقله الواعي وعقله اللاوعي، حيث أصبح العقل الواعي لا يتقبل تلك الأشياء مُطلقًا.
أما الشخص الغير واعي فإنه يتصرف وفق ما يُمليه عليه عقله الباطن فيصبح بذلك أسيرًا لمخاوفه، ومعتقداته، ورغباته الشخصية التي تولد لديه العديد من مشاعر البؤس والتعاسة.
ولكن الخبر السار هنا هو أن الدماغ البشري قادر على بناء مسارات عصبية جديدة تمكننا من إعادة برمجة العقل الباطن بطرق صحية جديدة لمساعدتنا على اتخاذ قرارات صحيحة.
فيما يلي مجموعة من النصائح التي سوف تساعدك على التخلص من الشعور بالتعاسة في حياتك وهى كما يلي:
1- التركيز على الأمور البسيطة التي تجلب لك السعادة
ركز على كل الأمور التي تُشعرك بالبهجة والسعادة، اترك تلك الأمور المزعجة، لا تسمع أبدًا لآراء الآخرين السلبية بشأنك مهما كان، لأنهم لا يعرفون من أنت؟ ولا ماذا تريد؟
2- اخرج من دائرة الأمان التي تحيط نفسك بها
إذا كنت خائفًا من ملاحقة ما تريده لأنك خائف من الخسارة، فقد خسرت بالفعل.
حاول أن تغير حياتك باستمرار عن طريق ممارسة كل ما هو جديد، والخروج من منطقة الأمان والاستقرار قدر الإمكان.
غامر ولا تخشى المخاطرة. إذا لم تخاطر، فستبقى كما أنت، فالسعادة نتاج ثانوي للتغيير، والتغيير يعني أن عليك ترك الأشياء التي تحول بينك وبين تحقيق أهدافك حتى تتمكن من تجربة شيء جديد.
في بعض الأحيان قد تترك أشياء مادية، وقد تترك أصدقاء مقربين، بالرغم من أن ترك ما تعرفه وراءك قد يسبب لك الألم والحزن، ولكن هذا ضروري لكي تحقق ما تريد وتتمكن من العثور على السعادة بشكل دائم.
3- تجنب الثقة الزائدة في من هم حولك
لا تبالغ في ثقتك بمن هم حولك، دع أسرارك لنفسك، تعلم من تجاربك المؤلمة، كلما منحت ثقتك فقدت جزءًا من سيطرتك على العوامل الخارجية التي بذلت مجهودًا كبيرًا في التحكم بها.
4- تقبل ذاتك وما أنت عليه
تقبل ذاتك واعترف بالأخطاء التي ارتكبتها، ولا تشغل تفكيرك بمن يتصيد أخطائك، وتجنب العيش فى دور الضحية.
شعورك بعدم القبول تجاه ذاتك هو في الأصل مقاومة داخلية مع كل ما هو كائن.
بمعنى الشخص الذي يعيش حالة عدم القبول هو في الواقع يقاوم مشاعره، ومشاكله، وأفكاره.
عندما نتوقف عن المقاومة ونتصالح مع كل شيء كائن سنرتقي للقبول ومن ثم إلى الرضى ومن ثم إلى السلام الداخلي.
5- كُن حاسم في اتخاذ القرارات المصيرية
تحقيق النجاح والسعادة يتطلب الحسم وعدم التردد في اتخاذ القرارات المصيرية، التردد وعدم الحسم يؤدي إلى القلق، وفقدان الدافع النفسي، وانخفاض الأداء في الحياة.
لا شيء في حياتك يحدث ببساطة؛ لأن الأمر يتطلب منك اتخاذ قرار ثم العمل على تنفيذه.
قد يبدو هذا واضحًا، ولكن العديد من الناس يعيشون وكأنهم سوف يستيقظون على حياتهم التي يحلمون بها يومًا ما، أو أنهم ينتظرون فرصة ثمينة، أو مغامرة كبيرة تُحقق لهم ما يحلمون به.
لا أعرف مواهبك ولا هواياتك، أو اهتماماتك الخاصة، ولا أعرف شيئًا عن أهدافك وطموحاتك؛ ولكن ما أعرفه حقًا هو أنه بدون اتخاذ قرار واعٍ متبوعًا بعمل جاد ومستمر لن تحصل على أي شيء في الحياة؛ لأن الحياة التي تريد أن تعيشها تستلزم درجة كبيرة من الاستقلالية والوعي وبذل الجهد، كما أن الحياة التي تريدها لن تحدث إذا تأثرت واستسلمت "للقواعد والمعايير الاجتماعية" التي يضعها المجتمع.
لا تُقلد أحدًا ولا تترك زمام حياتك لغيرك، ولا تختبئ خلف آخرين يتولون مسؤولية اتخاذ القرارات المهمة في حياتك. ولا تدع الآخرين يُخبروك بما يناسبك، أو ما يجب عليك فعله. أنت قبطان سفينتك وأنت صاحب السيادة على مجريات حياتك الخاصة، اتبع حدسك واستمع للصوت المنبعث من أعماقك ولا تخشى شيء.
6- انظر إلى الصورة الكبيرة للحياة
يؤثر الاختلاف في النظر على طريقة حكمنا على الأشياء وعلى تفسيراتنا للأحداث، حيث يأتي القرار الأكثر صوابًا عندما نقف على مسافة أبعد مما يحدث، إذ تتلاشى كل التفاصيل والمشتتات وتبقى الصورة كاملة وواضحة.
المنظور البعيد والنظر إلى الصورة الكبيرة للحياة ومعرفة حقيقتها سوف يُجنبك الكثير من تقلبات المزاج وخيبات الأمل المرتبطة بمدى نجاحك أو فشلك في تحقيق أهدافك ورغباتك.
هذا لا يعني أنه يجب أن تتجاهل الشعور بالسعادة أو الخيبة لنتائج تجاربك في الحياة، ولكن المطلوب هو ألا تنجرف وراء هذه المشاعر بشكل مبالغ فيه في الوقت الذي لم يتضح لك فيه الحجم الحقيقي للصورة الكاملة.
لا يتعين عليك اتباع نهج أي شخص آخر في الحياة، ولكن يجب عليك أن تتمكن من النظر إلى الصورة الكبيرة للحياة وتُدرك المعنى الحقيقي لحياتك، والغرض من وجودك في الحياة. ولكي تتمكن من إدراك ذلك؛ فإن معنى حياتك مصدره العقل ويشمل رغباتك وأهدافك وأحلامك الشخصية، ومدى معرفتك بما تريد تحقيقه في الحياة. أما الغرض من حياتك مصدره الروح ويشمل الروحانية والممارسات الدينية والعبادة.
المعنى يلبي حاجات الجسد المادية وشهواته ورغباته؛ أما الغرض يلبي حاجات الروح من عبادة وذكر وصلة بالله.
إن النظر إلى الصورة الكبيرة وإدراك المعنى الحقيقي للحياة، وأن الحياة لا معنى لها في حد ذاتها، وأن الدنيا ليست بدار مقام وأنها ستنتهي ويفنى كل ما فيها من أموال وممتلكات وغيرها سوف يساعدك على الشعور بالرضا، والامتنان، والقناعة، كما أن تحقيق التوازن بين الجانب المادي والروحي لديك سوف يمكنك من معرفة السبب الذي تعيش من أجله والهدف الذي تسعى لتحقيقه، بالتالي يمكنك أن تتحمّل العيش بأي طريقة، وهذا هو مفهوم النظر إلى الصورة الكاملة، إذ أن سؤالنا لأنفسنا عن ماهية الأسباب الكامنة وراء وجودنا في الحياة وسعينا الدائم إلى تحقيق هدف ما، هو الذي يمنحنا القوة والاصرار والتحلي بالصبر في سبيل تحقيق هذا الهدف، وهو ما يمنحنا القوة لتحمل المشقة ويبث الأمل في نفوسنا مهما كان حجم المصاعب والعقبات التي نواجهها ومهما كانت قساوتها.
- ذات صلة: كيف تتخلص من المشاعر السلبية