كيف تستخدم قوة عقلك الباطن
قوة العقل الباطن |
يقوم العقل الباطن بتخزين ومراجعة ومعالجة المعلومات، والتجارب، والمشاعر، والمواقف التي يمر بها الشخص حيث تساهم هذه المعلومات في تشكيل شخصيته والتحكم في سلوكياته وردود أفعاله طوال الوقت.
يمكن تشبيه العقل الباطن إلى حد ما بميزة الطيار الآلي التي تسمح للكائن بالتحرك بناءً على الكيفية التي تم برمجته بها مسبقًا، ولا يمكن أن تتغير حركته إلا إذا تمت إعادة برمجته من جديد.
الكثير من الأشخاص لا يعرفون كيفية استخدام الإمكانات العظيمة للعقل الباطن ويتركون العالم الخارجي والظروف تشكل حياتهم. هم لا يدركون أنهم بذلك يهدرون إمكانات مهمة ستمكنهم من تحقيق النجاح في الحياة.
في هذا المقال، سنتحدث عن كيفية استخدام وتفعيل قوة العقل الباطن واستعادة السيطرة عليه، وجعل حالات العقل الواعي، والعقل اللاواعي متزامنة مع بعضها البعض.
ما هي قوة العقل الباطن
قوة العقل الباطن هي تلك القوة التي تتحكم في سلوكياتك وردود أفعالك وطريقة تفكيرك وفقًا للمعتقدات والقناعات الذهنية التي تم برمجتك بها مُسبقًا.
عندما تكون مدركًا لمعتقداتك وقناعاتك الذهنية ولديك القدرة على اكتشاف ما هو خاطئ أو معيق فيها، وتعرف طريقة عمل العقل الباطن؛ فإنك بذلك تكون قادرًا على التحكم في تلك القوة وجعلها تعمل لصالحك.
عندما يعمل عقلك الباطن وعقلك الواعي معًا لتحقيق هدف مشترك، ويكون عقلك الواعي مدركًا ومتزامنًا مع عقلك الباطن فإن بإمكانك استعادة السيطرة على حياتك وتحقيق أي شيء تريده بشكل أساسي.
تسخير قوة عقلك الباطن في حياتك العملية
الفرق بين الأشخاص الناجحين والفاشلين هو أن الأشخاص الناجحون يفكرون ويتحدثون عما يملكون من قدرات وإمكانات ويستغلونها في سبيل تحقيق ما يريدونه، بينما الأشخاص الفاشلين يركزون ويتحدثون عما ينقصهم ويتخذون ذلك كعذر لتبرير فشلهم.
لذا اسأل نفسك، ما هو حجم الفجوة بينك وبين نجاحك؟ ومن أي صنف أنت؟ هل تعتقد بأنك قادر على تحقيق النجاح وتمتلك مقوماته؟ أم لديك رغبة في تحقيق النجاح فقط؟
هناك فرق كبير بين الشعور بالرغبة وبين الشعور بالامتلاك:
- الرغبة: تعني النقص أو الغياب؛ بمعنى أنك تريد تحقيق شيء ما؛ ولكنك تعتقد بعدم قدرتك على تحقيقه.
- الامتلاك: يعني اليقين، والشعور بالاستحقاق وامتلاك الخبرة والمهارة، والقدرة.
عندما يتعلق الأمر بالعقل الباطن، فإن الشخص الذي لديه الرغبة فقط، ويعتقد بعدم امتلاكه لـ مقومات النجاح التي قد تكون موجودة لديه ولكنه يجهلها؛ فإن عقله الباطن يعمل على بناء مسارات أو شبكات عصبية أقوى حول الرغبة فيتولد لدى الشخص الشعور بالعجز وعدم الاستحقاق.
أما إذا كان الشخص يركز أكثر على ما لديه من قدرات وإمكانات، ويعتقد بأنه يمتلك مقومات النجاح ويتصرف كما لو أن نجاحه قد حدث بالفعل، فإن عقله الباطن يقوم ببناء مسارات عصبية جديدة تمكنه من اكتساب عادات إيجابية جديدة، وتولد لديه دافع نفسي قوي للعمل على تحقيق ما يعتقده.
العقل الباطن لا يستطيع أن يعرف الفرق بين ما تتخيله داخل عقلك، وبين ما يحدث في واقعك.
لذا فإن الكثير من الأشخاص الناجحين يقومون بممارسة الخيال والتصور بطرق منتظمة، حيث يقضون معظم أوقاتهم في إنشاء الصور الذهنية الداخلية لـ نجاحاتهم؛ حيث تؤدي تلك الممارسة المنتظمة إلى إنشاء مسارات عصبية جديدة في الدماغ تمكنهم من العمل وبذل الجهد واكتساب العادات التي تخدم أهدافهم وتساعدهم على تحقيق المزيد من النجاحات باستمرار.
فيما يلي مجموعة من الخطوات التي ستمكنك من استخدام قوة عقلك الباطن وإنشاء الصورة الذهنية الداخلية لنجاحك وبناء مسارات عصبية جديدة لها.
1- حدد هدفك بوضوح
أكبر مشكلة يواجهها البعض هي إنهم لا يعرفون ما يريدون. عندما تحدد هدفك بالتفصيل، فإنك بذلك تبرمج عقلك الباطن على تحقيقه.
توقف عن التشاؤم، صفِ ذهنك من الأفكار السلبية، اكتشف معتقداتك الخاطئة، ركز فقط على الجانب الإيجابي، حدد بالضبط الهدف الذي تريد تحقيقه والطريقة التي تريد أن تعيش بها حياتك.
2- ابحث عن الإيجابية
البيئة المحيطة بك لها دورًا كبيرًا ومهمًا في إعادة برمجة عقلك الباطن. إذا كنت مُحاطًا بالعديد من السلبيات، فإن ذلك سيؤدي إلى إحباطك دون شك.
لذا يجب عليك أن تُحيط نفسك بكل ما هو إيجابي ويشعرك بالقيمة. نمي التعزيز الإيجابي لديك من خلال التركيز على نقاط قوتك. ابتعد عن الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالضعف، حاول أن تقضي المزيد من الوقت مع الأشخاص الإيجابيين الذين ينشرون باستمرار رسائل تحفيزية وأفكار شيقة تساعدك على اكتشاف مواهبك وتطوير مهاراتك وإدراك قيمتك.
3- تصور هدفك بشكل متكرر
انظر إلي هدفك في عين عقلك كما لو كان حقيقة واقعية وليس مجرد حلم. كلما كانت صورتك الذهنية لهدفك أكثر وضوحًا وحيوية، زادت سرعة تحقيق ذلك الهدف.
تعد القدرة على تخيل ما تريده من حياتك أمرًا ضروريًا للغاية؛ بمجرد أن يكون لديك صورة ذهنية واضحة تمامًا لأهدافك، وللطريقة التي تريد أن تعيش بها حياتك؛ فإنك بذلك تكون قادرًا على البدء في التخطيط والعمل على تحقيقها.
إذا كنت مترددًا ولا تزال مشوشًا بشأن ما تريده، فلن تكون قادرًا على اتخاذ أي إجراءات حقيقية ذات مغزى تجاه الهدف الذي تريد تحقيقه.
4- تصرف كما لو أن هدفك قد تحقق وانظر لنجاحك كحقيقة حاضرة وليس خطة مستقبلية
بدلًا من إبداء الرغبة والآمال التي تتمنى أن تحدث لك، ضع استراتيجية لكيفية القيام بذلك الآن. بدلًا من تأجيل سعادتك وربطها بتحقيق هدفك، مارس شغفك في العمل على تحقيقه.
اشعر بالنجاح كما لو أن هدفك قد تحقق في هذه اللحظة بالذات. استمتع بالرحلة وليس بالوجهة، كثير مما يعوق سعادتنا هو أننا نؤجل سعادتنا حتى تتحقق أهدافنا. يجب أن تستمتع بالمراحل كلها، عيش الشعور بالسعادة والرضا والامتنان وامتلك اليقين بشأن أهدافك وطموحاتك.
5- مارس الامتنان
أفضل طريقة لوضع نفسك في موضع الشعور بـ "امتلاك" بدلًا من "الرغبة" هي أن تبدأ في ممارسة الامتنان. من خلال التعبير عن الشكر لكل ما لديك، فإنك تحول عقليتك من الحاجة للتغيير إلى الشعور بالرضا عن المكان الذي أنت فيه. لا شيء يجذب الوفرة مثل الامتنان. تأثير العقل الباطن على الإنسان قوي جدًا؛ فـ بمجرد أن تؤمن أن لديك ما يكفي، فأنت منفتح وقادر على تحقيق المزيد من النجاحات.
6- توقف عن الشك في قدرتك على تحقيق هدفك ولا تسمح لمخاوف الآخرين أن تؤثر عليك
يجب أن تدرك بأن لديك ظروف وقدرات ومهارات وإمكانات تختلف عن غيرك، توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، ولا تسمح لـ مخاوفهم بأن تؤثر على ثقتك بنفسك وبقدراتك.
الشيء المهم الذي يجب عليك أن تُدركه أيضًا هو أن مخاوف الآخرين هي توقعات لأوضاعهم الخاصة وتجاربهم ونظرتهم للحياة. لا علاقة لهم بما أنت قادر عليه أو لا تستطيع فعله.
7- مارس الاسترخاء
توقف عن الاستجابة للإجهاد، خذ وقتًا للتنفس والاسترخاء، وممارسة الروحانية، أو التأمل، حاول أن تجعل نفسك في حالة من الهدوء؛ لأن الحالة الذهنية الهادئة تسمح لعقلك الواعي بالوصول إلى المسارات العصبية الجديدة التي أنشأها عقلك الباطن حديثًا.
8- انظر إلى الصورة الكبيرة لهدفك وتعامل معه بمبدأ التسليم
عندما تنظر إلى هدفك بصورة شمولية، ستكون قادرًا على معرفة الإجراءات الصحيحة التي يجب عليك اتخاذها في الوقت المناسب.
حاول الاستفادة من القوه المذهلة لعقلك الباطن وابدأ بهدف أو فكرة واحدة فقط، ومارسها باستمرار حتى تنجح في تحقيق ذلك الهدف.
لا تمزج مشاعرك ناحية هدفك بمشاعر تعلق، أو خوف، أو قلق من عدم حدوثه؛ اجعلها لعبة واستمتع بها! كلما تعاملت مع هدفك بمبدأ التسليم، يصبح من الأسهل عليك تحقيقه؛ لأنك ستنتقل من التفكير الإيجابي إلى المعرفة الإيجابية.