ما هو التفكير الذاتي
التفكير الذاتي |
يُعتبر التفكير الذاتي المفتاح الرئيسي للوعي الذاتي حيث يمنحك القدرة على مشاهدة نفسك بنفس الطريقة التي تشاهد بها الأحداث الخارجية، وذلك من خلال النظر بحيادية إلى أفكارك، ومشاعرك، وعواطفك، وأفعالك، مما يساعدك على فهم نفسك، ومعرفة من أنت، ومتابعة أهدافك بسهولة، وجعلك أكثر واقعية، حيث يسمح لك التفكير الذاتي بالتراجع، والانخراط في التأمل، واكتساب منظور حول ما يهمك حقًا.
عندما تفهم بشكل أفضل من أنت؟ وما هي الدوافع الكامنة وراء ما تقوم به؟ يمكنك بسهولة إجراء التغييرات التي ستساعدك على استغلال الفرص والاستجابة لظروفك الحالية بطرق أكثر فعالية، واتخاذ قرارات أفضل بشأن السعي وراء الأهداف التي تناسب احتياجاتك واهتماماتك.
في هذا المقال سنتحدث عن التفكير الذاتي في علم النفس ، وعن أهم المهارات التي تؤدي إلى تفكير ذاتي أفضل
تعريف التفكير الذاتي
التفكير الذاتي هو قدرة الشخص على إدراك نفسه من خلال النظر بحيادية إلى أفكاره، ومشاعره، وعواطفه، وسلوكياته ومحاولة تعلم المزيد عن طبيعته الأساسية وجوهره الروحي؛ إنه نوع خاص من الوعي يتم تطبيقه على نفسك على المستوى الجسدي، والعقلي، والعاطفي، والروحي.
من خلال ممارسة التفكير الذاتي يمكننا أن ننظر إلى أنفسنا باهتمام وفضول، حيث نبدأ في التأمل والتعمق أكثر، للتساؤل عن كياننا الداخلي، وعن السبب الرئيسي وراء الطريقة التي نشعر بها، وكيف نشأت هذه الأفكار والمشاعر؟ وما السر وراء هذه الأحاسيس؟
عندما ننخرط في التأمل الذاتي فإننا نبدأ في المراقبة الذاتية ونطور ما يُعرف بالمراقب الداخلي، أو الادراك الفوقي الذي يمكننا من إدراك عمليات التفكير لدينا وفهم الأنماط الكامنة وراءها.
الأمر أشبه بالنظر إلي صورتك في المرآة، حيث يمنحك القدرة على النظر إلى نفسك من مسافة طفيفة. باستثناء أن إمكانية انعكاس الذات أعمق بكثير من مظهرك الخارجي.
التأمل الذاتي هو مهارة أساسية للنمو الشخصي، بدون وجودها فإننا نسمح لمعتقداتنا الموجودة في العقل الباطن بإدارة حياتنا؛ حيث تصبح تصرفاتنا وتفاعلاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين بلا وعي، وهذا ما يجعلنا أكثر عرضة للتلاعب النفسي والعاطفي من قبل الآخرين.
إذا كان لديك أي استجابة عاطفية لشيء ما، أو مواقف مزعجة حدثت لك وندمت عليها لاحقًا، يمكنك أن ترى كيف يمكن للتأمل الذاتي أن يساعدك في اختيار الردود المناسبة وتغيير السلوكيات والأفكار التي لا تعمل جيدًا بالنسبة لك.
هناك قدرة لا حصر لها على الانعكاس الذاتي داخلنا، ويمكن أن يؤدي التأمل الذاتي المنتظم والمتسق مع الدعم إلى تعميق عملية النمو والتحول الشخصي والروحي.
الشيء الذي يجب الانتباه له هو أن التفكير الذاتي قد يتحول أحيانًا إلى خطر؛ وذلك إذا أصبح الشخص مهووسًا بممارسته، حيث يأخذ الحكم الذاتي مكانه ويخرج ناقدك الداخلي، مما يؤدي إلى مقارنة نفسك بالآخرين، وتعزيز الأفكار الخاطئة عن نفسك، والاعتقاد بأنك مقصر وتمشي في الطريق الخطأ.
الطريقة الصحيحة لاستخدم التفكير الذاتي هي ملاحظة ما تواجهه بشكل محايد، أو استخدامه كمجرد طريقة لمخادعة ناقدك الداخلي.
الغرض من التأمل الذاتي هو مساعدتك في التغيير الإيجابي، وليس إحباطك! دع التأمل الذاتي يقودك بدلاً من ذلك إلى طرق أفضل لدعم نفسك وممارسة التعاطف مع ذاتك والاستماع إلى معرفتك الداخلية.
مهارات التأمل الذاتي
التأمل الذاتي هو القدرة على الانتباه لـ أفكارك وعواطفك وقراراتك وسلوكياتك. في حين أنه من الجيد أن تكون متأملًا ذاتيًا بشأن ما حدث في الماضي، إلا أن من الأفضل أن تكون قادرًا على استخدام التأمل الذاتي في الوقت الفعلي لتحسين قراراتك وسلوكك في الموقف الذي تواجهه.
فيما يلي ثلاث مهارات تؤدي إلى تفكير ذاتي أفضل وهي:
1- الانفتاح
الانفتاح هو القدرة على رؤية الأشياء على حقيقتها، وليس على ما نعتقد أنه يجب أن تكون عليه. وهذا يعني أن نكون مدركين للمعتقدات والقوالب النمطية الموروثة ونتحرر منها.
بعبارة أخرى؛ فإن الانفتاح يعني قدرتنا على رؤية الأشياء كما هي، وإدراك تحيزاتنا والصور النمطية الموجودة في عقولنا عن العالم الخارجي، أو حتى عن أنفسنا، وأن نعمل على التغلب عليها.
لتنمية مهارة الانفتاح لديك، اعمل على تحديد معتقداتك وقواعدك الافتراضية حول الأشياء، بما في ذلك نفسك.
من خلال إجبار نفسك على ملاحظة التحيزات والمعتقدات الدقيقة التي تؤثر على تفكيرك، سوف تدرب نفسك على رؤية الأشياء على حقيقتها.
2- الملاحظة (الإدراك الفوقي)
الملاحظة هي القدرة على مشاهدة نفسك وعقلك بنفس الطريقة التي تشاهد بها الأحداث الخارجية - من منظور ومسافة.
هذة المهارة مفيدة لاستخدام التأمل الذاتي كطريقة للتغلب على السلوكيات القهرية، أو الإدمانية، أو المعتادة.
يمكنك اكتساب مهارة الملاحظة من خلال ممارسة التأمل اليقظ لتحسين قدرتك على إدارة انتباهك - أي أن تختار بمهارة ما تريد الانتباه إليه وما لا تريده.
يتطلب التأمل الذاتي في الوقت الفعلي أن نكون قادرين على تحويل انتباهنا بعيدًا عن ما يحدث في الخارج وبدلًا من ذلك نحاول مراقبة ما يحدث في الداخل.
أعتقد أن السبب الذي يجعل الشخص يستمر في قول "نعم" على الرغم من عدم رغبته في ذلك، هو أن هناك أشياء تحدث في عقله - أفكاره وعواطفه، على وجه التحديد - لا يدركها، حيث تدفعه تلك القوى الداخلية نحو نفس الاستجابة غير المفيدة. ولكن إذا كان بإمكانه ملاحظة وإدراك أفكاره بحيث يصبح أكثر وضوحًا بشأن ما يحدث بالضبط في عقله في تلك اللحظات، فقد يكون قادرًا على مقاومة هذا الدافع الأولي بشكل أفضل واختيار شيء مختلف تمامًا عما كان يختاره سابقًا.
3- الموضوعية
الموضوعية هي القدرة على فصل أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك عن هويتك وشعورك بالذات. إن ما تعتقده، وكيف تشعر، والسلوكيات التي تشارك فيها هي جزء من هويتك، ولكنها لا تشمل كل من أنت.
بعبارة أخرى؛ الموضوعية هي فهم أننا أكثر من مجرد ما تحتويه عقولنا من أفكار، وعواطف، ورغبات، وغيرها.
يجب عليك أن تدرك بأن أفكارك حول شيء ما ليست سوى مجرد أفكار فقط، ولا تعني بالضرورة أي شيء آخر، وقد تكون أحيانًا صحيحة ومفيدة، وأحيانًا أخرى خاطئة تمامًا وغير مفيدة.
لذلك، بدلًا من افتراض أن أفكارنا دائمًا مهمة وذات مغزى وصحيحة، أو إشارة نبوية لمن نحن، فمن الأفضل رؤيتها كجزء مثير للاهتمام، ويستحق النظر إليها والاعتراف بها ولكن لا يتم التعامل معها على أنها شيء صحيح أو مقدس غير قابل للخطأ.