نظرية المعرفة أو الإبستمولوجيا
ما هي نظرية المعرفة |
نظرية المعرفة هي فرع الفلسفة الذي يدرس طبيعة المعرفة وأصلها وحدودها، والتبرير المعرفي، وعقلانية الاعتقاد أو الإيمان.
إنها أحد الفروع الأساسية للفلسفة الذي يهتم بدراسة ماهية المعرفة الإنسانية، وكيف يمكن للإنسان أن يكتسب معرفة الواقع.
مفهوم نظرية المعرفة
نظرية المعرفة (بالإنجليزية: Epistemology) هي الدراسة الفلسفية لماهية المعرفة، وما يعنيه أن "يعرف" شخص ما شيئًا ما.
يعود أصل مصطلح "إبستمولوجيا" والذي يعني "نظرية المعرفة" إلى كلمتي "episteme" والتي تعني المعرفة باللغة اليونانية القديمة، وكلمة ''logos'' التي تعني علم أو دراسة.
من الناحية اللغوية، فإن نظرية المعرفة هي دراسة المعرفة: ما هي، وكيف يتم اكتسابها، وما هي حدودها. تتضمن دراسة نظرية المعرفة استكشاف طبيعة المعرفة وأصولها، والطرق المستخدمة لاكتساب المعرفة، والمعايير المستخدمة لتقييم ادعاءات المعرفة.
أنواع نظرية المعرفة
في إطار نظرية المعرفة، ظهرت مدرستان فكريتان أساسيتان هما: العقلانية والتجريبية. تفترض العقلانية أن المعرفة تنشأ من الفكر العقلاني أو الأفكار الفطرية، بشكل مستقل عن التجربة الحسية. في المقابل، تؤكد التجريبية على دور التجربة الحسية في فهم الواقع.
نظرية المعرفة عند أفلاطون
كان أفلاطون من أوائل الفلاسفة الذين ناقشوا ما أصبح يعرف فيما بعد بنظرية المعرفة. بالنسبة لأفلاطون، كانت نظرية المعرفة وسيلة لمحاولة فهم ماهية العالم، وكيفية ارتباط الناس بهذا العالم. أشهر نصوص أفلاطون التي ناقش فيها نظريته في المعرفة هي "محاورة فيدون"، وكتاب "الجمهورية". كان لدى أفلاطون شكوك بشأن قدرة البشر على اكتساب المعرفة بالعالم الحقيقي من خلال حواسهم، معتقدًا أن العالم المادي كان مجرد تمثيل لعالم آخر أطلق عليه اسم عالم المُثل.
بالنسبة لأفلاطون، كانت المُثل هي التفسيرات المطلقة والثابتة والمثالية للأفكار والأشياء. تشرح "أسطورة الكهف" الشهيرة لأفلاطون كيف يعمل هذا التناقض بين العالمين وكيف يساهم في المعرفة الإنسانية. على سبيل المثال، إذا قام شخص ما برسم مثلث في العالم المادي، فسيكون ذلك مجرد عرض تقديمي لشكل المثلث.
نظرية المعرفة عند أرسطو
بالنسبة لأرسطو، لم تكن نظرية المعرفة هي الفرع الأكثر أهمية في الفلسفة. اشتهر بنظرياته في الأخلاق وعلم الجمال. ومع ذلك، فقد بنى أرسطو على عمل أفلاطون، مع التركيز بشكل خاص على المنطق والبلاغة. قام بتدوين عدة أشكال للمنطق وشرح كيف يمكن استخدام البلاغة للوصول إلى استنتاجات واضحة. أصبحت هذه الطريقة أساسية لعدد كبير من الفلاسفة الذين أرادوا استكشاف نظرية المعرفة من خلال منهجية متسقة منطقيا.
كما تضمن عمل أرسطو في نظرية المعرفة مفهوم "الاعتقادات المبررة"، أو فكرة أن المعرفة مبنية على معتقدات مدعومة بالدليل والعقل. وقال إن المعتقدات يجب تبريرها من خلال الاستدلال المنطقي والأدلة التجريبية، وأن المعرفة يجب أن تستند إلى معتقدات صحيحة ومبررة. كان لهذا التركيز على التبرير والتفكير المبني على الأدلة تأثيرًا في تطور نظرية المعرفة والمنهج العلمي.
نظرية المعرفة عند ديكارت
لا يزال رينيه ديكارت معروفًا بمساهماته الكبيرة في نظرية المعرفة والعقلانية على وجه الخصوص. على عكس أفلاطون وأرسطو، كان ديكارت متشككًا جذريًا، حيث بدأ بالشك في كل جانب من جوانب الواقع ليرى ما إذا كان أي شيء سيظل منطقيًا غير قابل للدحض عندما يفعل ذلك.
توصل ديكارت إلى استنتاج مفاده أن الشيء الوحيد الذي لا يمكنه الشك فيه بشأن الواقع هو وجوده، واشتهر بصياغة عبارة cogito ergo sum، أو "أنا أفكر، إذن أنا موجود" لشرح علاقته بالمعرفة. ومن خلال اتخاذ موقف مفاده أن تجاربه الحسية يمكن دائمًا أن تكون موضع شك، بنى ديكارت إطاره المعرفي من منظور أنه لا يستطيع الشك في وجوده، وأنه بسبب إيمانه بإله خير، يمكنه أن يثق في قدرته على التفكير العقلاني.
اقرأ أيضًا: نظرية المعرفة عند ديكارت
نظرية المعرفة عند كانط
كان لدى إيمانويل كانط واحدة من أكثر وجهات النظر غرابة وتعقيدًا حول نظرية المعرفة في تاريخ الفلسفة. بطريقة ما، ترجع وجهة نظره إلى نظرية المعرفة المبكرة لأفلاطون.
يعتقد كانط أنه عندما يدرك الناس العالم؛ فإنهم يرون فقط مظهر الأشياء، وليس الأشياء كما هي في الواقع. لقد جادل بأن المكان والزمان واللون والجوانب الأخرى للوجود التي يتجاهلها معظم الناس هي في الواقع توقعات يطبقها الأفراد على الواقع لجعله أكثر قابلية للفهم.
في نظرية المعرفة عند كانط، الواقع مخلوق وموجود داخل البشر الذين يدركونه، بدلًا من أن يكون حقيقة خارجية وغير متغيرة.
الموضوع هو المفتاح في نظرية المعرفة عند كانط، حيث أن تصور الفرد للواقع هو الذي يشكل فهمه للعالم.
يعتقد كانط أن حواسنا هي الوسيلة التي ندرك من خلالها العالم، لكن فهمنا للواقع يتشكل من خلال مفاهيمنا وفئاتنا العقلية. هذا يعني أن تصورنا للواقع هو تصور ذاتي، وأنه لا توجد حقيقة موضوعية توجد بشكل مستقل عن عقولنا. ومن خلال فهم ذاتية تصوراتنا، سعى كانط إلى توضيح حدود المعرفة الإنسانية وطبيعة الحقيقة نفسها.
نظرية المعرفة عند جون لوك
يعتقد جون لوك أن كل المعرفة مستمدة حصريًا من الخبرة. يرى جون لوك أن العقل عند الولادة عبارة عن صفحة بيضاء يملأها الناس بأفكارهم بعد اكتسابهم الخبرة من العالم باستخدام حواسهم الخمس.
أمثلة على نظرية المعرفة
بالنسبة لمعظم الفلاسفة المعاصرين، تمت مناقشة نظرية المعرفة إلى الحد الذي تم فيه تضييق نطاقها إلى ثلاثة معايير رئيسية يجب استيفاؤها لضمان اعتبار الاعتقاد معرفة. هذه المعايير هي:
- الاعتقاد: لا يمكن أن يقال بشكل معقول أن شخصًا ما يعرف شيئًا ما إذا كان لا يعتقد أنه صحيح.
- الحقيقة: إذا صدق شخص ما شيئًا كاذبًا، فهو لا يعرفه كحقيقة؛ إنهم مخطئون.
- التبرير: يجب أن يكون لدى الشخص مبرر معقول لما يعتقده حتى يكون اعتقاده معرفة حقيقية.
مثال على هذه المعايير الثلاثة في العمل قد يكون:
يعرف جون أن هناك أبقارًا في حقل صديقه فرانك. ويمكن اعتبار هذا أمرًا معقولًا يعرفه جون، للأسباب التالية:
- يعتقد أنه صحيح (الاعتقاد).
- هناك بالفعل أبقار في الحقل (الحقيقة).
- رأى جون أبقارًا في الحقل بينما كان يقود سيارته إلى مزرعة فرانك (تبرير).
هذا مثال كلاسيكي لنظرية المعرفة يستخدم مزيجًا من المعرفة التجريبية والعقلانية للتوصل إلى اعتقاد صحيح ومبرر.
- اقرأ أيضًا: مفهوم المعرفة في الفلسفة
- plato.stanford, epistemology, Retrieved 2023-09-30. Edited
- structural-learning, the epistemology, Retrieved 2023-09-30. Edited
- study, epistemology examples types, Retrieved 2023-09-30. Edited