مقالة علم النفس بالطريقة الجدلية جميع الشعب
مقالة جدلية حول علم النفس |
مقالة حول علم النفس
هل يمكن دراسة الظاهرة النفسية بمنهج علمي موضوعي؟
طرح المشكلة: الظاهرة النفسية هي ما يعيشه الإنسان من تجارب ومشاعر وأفكار وإرادات وقيم ومعاني. هي ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات وما يجعله يسأل عن معنى وجوده وهدفه في الحياة. هي ما يحاول علماء النفس والفلاسفة أن يفهموه ويفسروه وينظموه ويقيسوه.
لكن هل يمكن أن تكون الظاهرة النفسية موضوعا للدراسة العلمية؟ هل يمكن أن نتجاوز الفردية والتباين والتعقيد والغموض الذي يحيط بالظاهرة النفسية ونصل إلى قوانين ونظريات ومفاهيم علمية موضوعية وعامة؟ هذه التساؤلات أثارت تحديات وتناقضات وتباينات في الآراء والمواقف، حيث اختلفت أراء الفلاسفة والعلماء بين من أكد على استحالة أن تصبح الظاهرة النفسية موضوعا لمنهج علمي نظرا لخصائصها وطابعها المقعد وما تفرضه من عوائق، وعلى النقيض من ذلك هناك من عارض هذا التصور وأكد بدوره على إمكانية أن تصبح الظاهرة النفسية علما قادرا على تحقيق الموضوعية بمنهج علمي يناسبها، وفي ظل هذا الاختلاف والجدال الفلسفي أمكن لنا طرح الإشكال التالي: هل يمكن للدراسات على مستوى الظاهرة النفسية أن تطبق منهجا علميا تبلغ من خلاله اليقين والدقة العلمية؟
محاولة حل المشكلة:
الموقف الأول: الظاهرة النفسية ليست موضوعا للدراسة العلمية
يرى أنصار هذا الموقف أمثال (سارتر، بياجيه، ريبو، جون ستيوارت مل) أن الدراسة التجريبية على الظاهرة النفسية أمر مستحيل، وهو عائد بالأساس إلى جملة العوائق التي تفرضها طبيعة هذه الظاهرة من خصوصيات وتفرد وتداخل وامتزاج يصعب فكه.
أبرز الحجج والبراهين التي اعتمد عليها أنصار هذا الموقف هي كما يلي:
- الموضوعات المدروسة على مستوى النفس لا يمكن أن نقول عليها ظاهرة كما هو الحال مع المادتين الحية والجامدة؛ لأنها لا تحدث أمام أعيننا ولا يمكن مشاهدتها ومراقبتها وتتبعها مثلما يفعل الفيزيائي في تتبعه لظاهرة الكسوف والخسوف، أو لظاهرة المد والجزر، ولكونها غير ظاهرة فهذا يصعب على الباحث فهمها أو ترتيبها وتفسيرها بالشكل العلمي الصحيح، فالباحث النفساني يبحث في موضوعات تتميز بطابعها الروحي واللامادي وهي متقلبة لا تثبت على حال واحدة، بالإضافة إلى أن الحادثة النفسية شديدة التداخل والتشابك، فـ الإدراك يتداخل مع الإحساس، والذكاء مع الخيال، والانتباه مع الإرادة، كما أنها فريدة من نوعها لا تقبل التكرار، فـ الحادث النفسي يجري في الزمن النفسي الذي لا ينعكس على نفسه عكس الزمن الفيزيائي. ثم إن النتائج المستخلصة بعد دراستها تكون لها صبغة ذاتية يعوزها التعميم. توصف الحادثة النفسية أيضا بأنها كيفية يمكن وصفها باللغة فقط، ولا يمكن قياسها، فالعواطف والأفراح والأحزان مشاعر تتميز بالكيف لا تقبل الكم أو القياس، وما لا يقاس ليس فيه من العلم شيء يقول سارتر "الإنسان هو ذلك الكائن المجهول يوما والمعلوم يوما أخر".
- الظاهرة النفسية حادثة باطنية داخلية لا يدركها مباشرة سوى صاحبها، فلا يمكن الاطلاع عليها بالملاحظة الخارجية وهو ما يرفضه العلم. أضف إلى ذلك، أنها شخصية تتعلق بالذات التي تعانيها لا بالذوات الأخرى. هذه الخصائص وغيرها تشكل عقبات أمام تطبيق المنهج التجريبي المعروف في العلوم الطبيعية على الحادثة النفسية، ولهذا فإن التحليل العلمي بالمعنى الدقيق للكلمة عملية عسيرة جدا في مجال دراسة الظاهرة النفسية هذا إن لم يكن أمرا مستحيلا فكيف يمكن تحليل الحوادث النفسية وهي لا تنقطع عن الديمومة؟ فالإنسان لا يستطيع دراسة أو ملاحظة حالته الهيجانية في الوقت الذي يكون منفعلا؛ لأن مجرد التفكير فيها وهي تنتابه من شأنه أن يخفف من حدته لهذا يقال إن البحوث فيما هو نفسي ليست سوى عملية استرجاع للأحداث بعد وقوعها وزوال أثرها في شكل وصف لغوي لا غير، أي بعد إراحة الإنسان من حالته التي مر بها "غضب، خوف، قلق" يُطلب منه أن يصف حالاته التي كان يعيشها بالعودة إلى الذاكرة وهنا يجد الباحث نفسه أمام مشكلة أخرى وهي هل ما يصفه المريض النفسي أو صاحب الحالة النفسية يعد صحيحا أم أنه مجرد كذب؟
- كما أن هناك ما يسمى بعائق التداخل بين الدارس والمدروس أو بين الملاحَظ والملاحظ، فـ الدراسة العلمية التجريبية للظواهر ترتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة العلاقة القائمة بين الذات الدارسة وموضوع الدراسة. فإذا كانت هذه العلاقة منفصلة حيث تكون الذات مستقلة عن الموضوع، كما هو الحال في مجال العلوم الطبيعية تكون الموضوعية ممكنة. أما إذا كانت العلاقة متصلة حيث تكون الذات مندمجة في الموضوع وجزء منه، كما هو الحال في مجال الدراسات النفسية تكون الموضوعية متعذرة، يقول بياجيه في كتابه ابستمولوجيا الإنسان: "وضعية العلوم الإنسانية أشد تعقيدا أولها علم النفس وفيه يتداخل المُجرب مع الموضوع المدروس المجَرب عليه".
- يؤكد أوغست كونت وهو مؤسس المدرسة الوضعية التي تستبعد كل التفسيرات الروحية والميتافيزيقية من العلم أنه لا مكان بأي وجه من الوجوه لعلم النفس الوهمي هذا الذي يراد عبثا بعثه اليوم دون أن يكترث لا بالدراسة الفيزيولوجية لأعضائنا الذهنية ولا بملاحظة الطرق المنطقية التي توجه بالفعل مختلف أبحاثنا العلمية إذ يدعي التوصل إلى الكشف عن قوانين النفس البشرية الأساسية بتأمله الداخلي إنه إهمال لكل ما هو علمي إهمالا كليا، كما أكد المفكر المغربي محمد عابد الجابري على أنه يستحيل دراسة الظاهرة النفسية وكل ما هو إنساني بمنهج علمي وهذا راجع لكون شروط الموضوعية لا تتوفر في الظاهرة النفسية، وأن النتائج التي يتم التوصل إليها في هذه البحوث بعيدة عن الدقة والضبط والموضوعية لهذا يقول عابد الجابري: "لا تتوفر الظواهر الإنسانية على الشروط الموضوعية للبحث العلمي" فالحادثة النفسية لا تشبه الأشياء المادية (الظواهر الطبيعية)، فهي تتميز بجملة من الخصائص تحول دون الدراسة العلمية لهذه الظاهرة، وتجعل من الوقوف على القوانين التي تحدد صورتها أمرا مستحيلا، يقول وليام جيمس: "الظاهرة النفسية ليست موضوعا علميا لأنها لا تشبه عالم الأشياء المادية".
النقد والمناقشة:
رغم ما قدمه هؤلاء من أدلة وتبريرات إلا أن الأحكام التي أصدروها تتميز بالتشدد خاصة إذا علمنا أنهم أرادوا أن يقيسوا علمية الدراسات النفسية بمنهج وضع لقياس علمية العلوم الطبيعية، بالإضافة إلى هذا فقد بقي هؤلاء الفلاسفة سجناء التصور الكلاسيكي عن المنهج التجريبي وما يتصل به من مفاهيم كالملاحظة، والتجربة، والقياس، والحتمية، والموضوعية. كما أن الواقع يثبت أن عددا من العلماء والنفسانيين وأطباء الأعصاب قد استطاعوا اقتحام بعض العوائق وحققوا بذلك قدرا من الموضوعية بتكييف الظاهرة النفسية مع مناهج علمية تناسبها وهذا يدل على أن العوائق لا تتعلق بطبيعة الظاهرة النفسية بل إنها عوائق فرضها المنهج المتبع في الدراسة.
الموقف الثاني: الموضوعية العلمية ممكنة على مستوى الظاهرة النفسية
يؤكد العديد من الفلاسفة والمفكرين وعلماء النفس أمثال (واطسون، فرويد، فونت) أن الظاهرة النفسية يمكن دراستها دراسة علمية موضوعية، أي يمكننا تكييف المنهج العلمي مع موضوع الظاهرة النفسية وبما يتلاءم مع طبيعتها، بل بإمكاننا تفسير السلوك الإنساني وحتى التنبؤ به.
الحجج والبراهين التي اعتمدوا عليها لتبيان موقفهم هي:
- في عام 1879 أسس الألماني وليام فونت أول مختبر تجريبي لعلم النفس في جامعة لايبزيغ كما أسس مجلة علمية لنشر بحوثه سنة 1881 وبفضل مجهوداته بدأ علم النفس ينفصل عن الفلسفة فكان اهتمامه بالوعي والإدراك والشعور من وجهة نظر بنائية، أسس فونت المدرسة البنائية في علم النفس معتمدا على المنهج الاستبطاني الذي يقوم فيه النفساني بالتعرف على مشكلات الشخص المريض بجعله يفصح عن أعماقه ويعبر عن أزماته ليخفف في الأخير من حدتها على حياته، فقد عرف فونت علم النفس على أنه بحث علمي وظيفته تحليل الخبرة الشعورية أو الوعي إلى عناصره الأساسية فـ الحادثة النفسية هي تجميع لأحاسيس وخيالات وتصورات ومشاعر، إنها نفس الطريقة التي يستعملها الفيزيائي والكيميائي في تقسيم الظاهرة التي يريد دراستها إلى جزئيات وعناصر صغيرة تمكنه من فهمها وتحليلها يقول فونت: "الاستبطان هو منهج نفسي يتلخص في أن يوضع الشخص تحت اختبارات معينة ليصف شعوره في أثناء هذه التجربة".
- عام 1912 ظهرت المدرسة السلوكية في الولايات المتحدة الأميركية، ومن أشهر مؤسسيها جون واطسون. من مرتكزات النظرية التمركز حول مفهوم السلوك من خلال علاقته بعلم النفس، والاعتماد على القياس التجريبي، وعدم الاهتمام بما هو تجريدي غير قابل للملاحظة والقياس، أكثر النظريات المعروفة لدى السلوكيين هي نظرية الاشراط الكلاسيكي والتي يعد بافلوف أول من طبقها ثم اعتمدها بعد ذلك واطسون على البشر والتي سميت بـتجربة "الصغير ألبرت" والتي تعتبر أول تجربة نفسية مسجلة تم تطبيقها على البشر، قدم واطسون من خلال هذه التجربة مفهوم الفوبيا التي يري أنها تحدث نتيجة تكوين رابط بين الموقف الغير المخيف والمخيف وطبقاً لواطسون فإننا ننشئ بثلاث انفعالات أساسية وهي "الحب، الخوف، الغضب" ومن خلال هذه الانفعالات تتفرع الأخرى، فالطفل الصغير إذا لعبته فسيظهر لك المشاعر الحب ولكن إذا تركته سيشعر بالخوف، وإذا أزعجته فقد يظهر عليه الغضب، لذا فإن الباقي من الانفعالات يتم تعلمها مع مرور الوقت، فالشعور بالغيرة هو شعور يمزج بين الخوف والحب، علي سبيل المثال، الطفل الذي يغار من أخيه بسبب اهتمام الأم بالطفل الجديد، مما يشعره بالغيرة على أمه، التي هي مصدر الحب والعطاء بالنسبة له، وهكذا تتفرع الانفعالات من خلال خلق ترابط مع الانفعالات الجديدة يقول واطسون: "إن علم النفس كما يراه السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع العلوم الطبيعية، هدفه النظري التنبؤ بالسلوك وضبطه"، ويقول أيضا: "علم النفس هو دراسة السلوك الظاهري وتفسيره".
- كما نجد تجارب أخرى لرواد المدرسة السلوكية ومنها تجارب بي اف سكينر: أحد أكثر علماء النفس الأمريكيين تأثيراً في النظرية السلوكية، صاحب نظرية التكييف الفعال أي أن السلوك المتوقع يتم تحديده من خلال عواقبه سواء كانت تعزيز أو عقاب مما يجعل السلوك أقل أو أكثر عرضة لتكرار نفسه مرة أخرى، ومن هنا وصل إلى وضع قانون علمي يقول فيه "إن السلوك يتبع النتيجة، وطبيعة النتيجة تعدل تكرار السلوك في المستقبل". وكذلك نجد بحوث أبراهام ماسلو: لم يهتم ماسلو بالتجارب الحيوانية أو البشرية لإثبات نظريته كغيره من السلوكيين، لكنه اهتم بجمع بياناته على شكل دراسة سلوك مجموعة من الأفراد معتمداً على الاحتياجات الوراثية الهرمية التي تكمن وراء تلك السلوكيات، وعلى الرغم من أنه درس علم النفس السلوكي والتحليلي وربطهما ببعض، إلا أنه أيد فكرة تأثير القوى الداخلية والخارجية بالسلوك البشري، وأن ذلك الأخير يخضع لسيطرة العقل الباطن أو اللاوعي الموجود لدى البشر.
- أكدت مدرسة التحليل النفسي مع العالم وطبيب الأعصاب النمساوي سيغموند فرويد على إمكانية الدراسة العلمية لكل ما يخص الحياة النفسية وظواهرها المختلفة التي كانت بمثابة موضوع مستعصي وصعب ومبهم لدى العلماء لمدة قرون طويلة. في عام 1873 دخل فرويد جامعة فيينا واختار فرع الطب، وبعد إتمام دراسته، عمل مع في إحدى المستشفيات الخاصة بالأمراض العصبية وفي عام 1882 عمل كمتخصص في الأمراض العصبية وكسب بذلك الشهرة والاحترام وتدريجيا أضحى من المتخصصين بالأمراض العصبية، بدأ فرويد طريقته لعلاج بعض الأمراض النفسية ثم أصبحت نظرياته قوانين سيكولوجية. اهتم الاتجاه التحليلي بعلاج الأمراض النفسية والعصبية، والجانب الأول هو الذي يبحث عادة في الأوساط تاركين الجانب الثاني وهو طريقة علاجها للأمراض إلى المتخصصين والأطباء في هذا الفن لماهيته التطبيقية التي تختص بالمعدودين من الناس من ذوي الأمراض والحالات النفسية الشاذة، يقول فرويد: "دور الطبيب النفساني هو كشف الرغبات المكبوتة لإعادتها إلى دائرة الشعور لكي يواجه المريض الصراع الذي فشل في حله سابقًا" كما يعتمد رواد مدرسة التحليل النفسي على محاولة اكتشاف العالم اللاواعي في المريض والتوغل إلى ذكريات الطفولة والدوافع المكبوتة وإبرازها إلى السطح بأساليب التداعي الحر وتعبير الرؤيا والتنويم المغناطيسي.
- تطورت البحوث المعاصرة على مستوى الدراسات النفسية فكان لها الفضل في وضع مجالات من علم النفس وتخصصات مختلفة منها علم النفس البيولوجي وهو دراسة علمية للقواعد البيولوجية الحاكمة للسلوك والعمليات العقلية، ومن ثم فإنه علم ينظر إلى جميع السلوكيات على أنها معتمدة على الجهاز العصبي، ويدرسون الأساس العصبي للسلوك. حيث أن الهدف من علم النفس البيولوجي هو فهم كيف يرتبط هيكل ووظيفة الدماغ بعمليات سلوكية ونفسية محددة. كما يهتم بإصابات الدماغ في محاولة لفهم الوظيفة النفسية الطبيعية، وبالتالي فإنه يستخدم أدوات التصوير العصبي، والتي يمكن أن تساعد العلماء فيه على مراقبة مناطق الدماغ التي تنشط خلال مهمة معينة، كما نجد أيضا علم النفس الهندسي وهو فرع علم النفس الذي يستخدم معرفة العلوم النفسية في الأنشطة العملية المهنية، حيث يدرس النظام التفاعلي القائم بين الإنسان والتكنولوجيا من أجل تحقيق كفاءتها العالية وتطوير الأسس النفسية للتصميم الهندسي للسلوك الإنساني وتنظيم عملية التحكم.
النقد:
رغم الأعمال الجبارة التي قام بها علماء النفس ومساهماتهم في تطوير علم النفس وانفصاله عن الفلسفة تدريجيا إلا أنه لا غنى للباحث الموضوعي من التعرف على الوجه الباطني للحادثة النفسية إذا أراد إكمال معرفته؛ لأن الحادثة النفسية في أساسها باطنية وهذا ما يجعلها دائما تتميز بالذاتية كما أن أعمال التجريبيين والسلوكيين لا تعني بأي حال من الأحوال أن علم النفس تجاوز كل العوائق. إذن لا ينبغي المبالغة في اعتبار الحوادث النفسية موضوعا لمعرفة علمية بصورة مطلقة، لأن ذلك يؤدي بنا إلى إزالة طبيعتها الإنسانية ومهما تطورت البحوث في هذا الميدان من الدراسة فإنها لن تبلغ دقة العلوم التجريبية أو البيولوجية.
التركيب:
يمكننا القول إذن وتجاوزا للانتقادات الموجهة لكلا الاتجاهين، أنه يمكن للظواهر النفسية أن تكون موضوعا للدراسة العلمية بشرط مراعاة خصوصيتها وبالتالي نعتبر علم النفس علما على منواله، فالقول بأن الظواهر النفسية لا يمكن أن تتأسس كعلم بدعوى أنها تفتقر إلى الشروط الأساسية التي يقوم عليها العلم أمر مبالغ فيه، كما أن القول بأنها موضوع علمي دقيق النتائج كدقة نتائج علوم المادة الجامدة أمر لا يخلو من المغالاة ويمكن القول أن الحوادث النفسية من طبيعة خاصة تختلف جوهريا عن طبيعة موضوعات العلوم الأخرى، فهي حوادث عناصرها متشابكة متشعبة وهو ما يفسر تعدد المدارس في علم النفس وكذا تعدد المناهج ولهذا الاعتبار فإن علم النفس جدير بأن يعد من مجموع العلوم من حيث اعتماده الدراسة العلمية أسلوبا في البحث والتقصي وما زال أمام هذا العلم شوط كبير ليقطعه خاصة أن موضوعه هو الإنسان وبالتحديد الحياة النفسية التي تعد من أكثر الموضوعات غموضا.
حل المشكلة:
في الأخير، نستنتج أن هناك عوائق ابستيمولوجية أحاطت بالظاهرة النفسية وجعلت من الصعب دراستها ولكن أعمال واجتهادات العلماء المتواصلة مكنتهم من اقتحام المجال العلمي وذلك من خلال وضع مناهج ومدارس ساهمت في دراسة البعد النفسي للإنسان وبالتالي فإن الظاهرة النفسية علم له موضوعه الخاص ويتبع في ذلك منهجا يتفق مع طبيعة الموضوع لكن هذا يتوقف على التزام العالم بالشروط الأساسية للعلوم وخاصة الموضوعية، وعليه فإن علمية الظاهرة النفسية تتوقف على مدى التزام العلماء بخصائص الروح العلمية والاقتراب من الموضوعية.
- اقرأ أيضًا: مقالة الشعور بالأنا والشعور بالغير